اختلاف المقامات ، فإذا خرج بالتقييد المنفصل شيء الباقي بنفس ذلك الظهور الذي استقرّ فيه أوّلا.
وهذا بخلاف ما نحن فيه ، فإنّ الزمان في حدّ ذاته أمر واحد مستمرّ ليس جامعا لأفراد كثيرة متباينة ، إلّا أن يقطع بالملاحظة وجعل كلّ من قطعاته ملحوظا في القضيّة كما في قولنا : أكرم العلماء في كلّ زمان ، وأمّا إذا لم يلاحظ على هذا النحو كما في قولنا : أكرم العلماء ، ومقتضى الإطلاق أنّ هذا الحكم غير مقيّد بزمان خاصّ فلازمه الاستمرار من أوّل وجود الفرد إلى آخره ، فإذا انقطع الاستمرار بخروج فرد في يوم الجمعة مثلا فليس لهذا العام المفروض دلالة على دخول ذلك الفرد يوم السبت ؛ إذ لو كان داخلا لم يكن هذا الحكم استمرارا للحكم السابق كما هو واضح ، هذا غاية ما يمكن أن يقال في تقريب الدعوى.
ولكنّه مع ذلك قد استشكل فيه شيخنا الاستاد دام أيّام إفاداته الشريفة أوّلا : أنّا نتصوّر المعنى الواحد الذي لا ينثلم وحدته بالاستثناء من وسطه ، وذلك كما في العموم المجموعي مثل قولك : أكرم زيدا في مجموع السنة إلّا يوم كذا في وسطها ، وكما في عنوان الاستمرار لصحّة قولك : أكرم زيدا مستمرّا إلّا يوم كذا ، فوجود الحكم في ما بعد يوم كذا لا شبهة في كونه حفظا للعموم المجموعي في الأوّل ، ولمعنى الاستمرار في الثاني ، وعدمه مخالفة ظاهر آخر فيهما.
نعم يتصوّر أيضا معنى واحدا ينثلم وحدته بالاستثناء كما في عنوان البقاء ، فليس الوجود بعد تخلّل العدم بقاء للوجود السابق ، ولهذا لا نتمسّك بالاستصحاب لو خرج منه فرد في زمان في ما بعد ذلك الزمان ، ولكن أنّى لنا بإثبات أنّ المعنى الواحد الذي هو مفاد المقدّمات عنوان البقاء ، فمن الممكن أن يكون عنوان الاستمرار الذي قد عرفت أنّ حاله حال العموم المجموعي.
وثانيا : سلّمنا أنّ مفاد المقدّمات معنى البقاء الذي يفيده الاستصحاب ، لكنّ الملاك الجاري في الأخذ بالإطلاق في سائر المطلقات بعد ورود التقييد بالنسبة إلى ما عدا مورده بعينه جار في المقام ، وما ذكرت من عرضيّة الأفراد في غير المقام