في جانب المكان : هذا الزيد المتلبّس بالوجود فعلا لم يكن في المجلس المنعقد عشر سنين قبل هذا حاضرا ، ومن المعلوم اجتماع النقيضين لو اعتبر هذا المعنى بالنسبة إلى ظرف الأزل ، بأن يقال : هذا الزيد المتلبّس بالوجود لم يكن في الأزل موجودا أو كاتبا ، فالذي يتعلّق به النسبة إنّما هو الذات المعرّاة ، وعناية الوجود يكون من قبيل ضمّ الحجر.
وحينئذ فحقّ الكلام أن يقال : لا مانع من استصحاب نقيض قضيّة «زيد قائم» في صورة الشكّ في أصل الحدوث ، وفي صورة العلم بالحدوث مع عدم الحالة السابقة ، سواء مع العلم بالبقاء ، أم مع الشكّ فيه ، ولكن في صورة العلم بالبقاء لا يفيد اتّصاف هذا الموجود بعدم القيام ، فلا يفيد في إثبات أثر اتّصافه بعدم القيام لو كان له أثر ، وإن كان يفيد في رفع أثر اتّصافه بالقيام ، بل حينئذ يجري استصحاب نقيض قضيّة «زيد ليس بقائم» أيضا ، فيتعارض الاستصحابان لو كان في البين مخالفة عمليّة.
وأمّا في صورة العلم بالحدوث مع الشكّ في البقاء مع الحالة السابقة القياميّة ، فلا يمكن استصحاب قضيّة «زيد قائم» ؛ لأنّه لا يفيد لنا وجودا خارجيّا يحكم عليه بأنّه قائم ، فهو نظير ما قلنا من عدم إفادة استصحاب نقيض القضيّة أنّ هذا الموجود غير قائم.
وبعبارة اخرى : فرق بين قولنا : قضية زيد قائم موجود ، وبين قولنا : زيد قائم ، فإنّ الأوّل من مفاد كان التامّة ، وليس من ثبوت شيء لشيء ، فالذي يستصحب غير ذي أثر، والذي له الأثر لم يستصحب.
نعم لو كان الأثر مرتّبا على الوجود والقيام على تقدير الوجود ، جاز إحراز جزئي الموضوع بإجراء استصحابين ، أحدهما في إثبات الوجود ، والآخر في إثبات القيام على تقدير الوجود ، فإنّ لوجود الموضوع على هذا دخلا في موضوع الحكم ، وكذا لثبوت المحمول على تقدير وجود الموضوع ، من دون حاجة إلى توسّط تشكيل قضيّة كان الناقصة ، نعم هذا في ما إذا كان في كلّ منهما شكّ مستقلّ.