هذا المكلّف وهذا التتن ، فإنّ المستصحب عدم القضيّة لا جعل قضيّة موضوعها الأفراد الفرضيّة ، ومحمولها عدم الحرمة ، فإنّ هذا ليس له حالة سابقة ، فلعلّه كان من الأزل الملازمة بين الوجود والحرمة ثابتة.
لا يقال : يمكن إثبات حال الموضوع الخارجي أيضا بأن يقال : هذا الشيء المفروغ عن وجوده لم يكن في الأزل موجودا أو موصوفا بوصف كذا ، فالفراغ عن الوجود حالّى ، وظرف النسبة استقبالي فيقال : هذا الماء الذي فرغ عن وجوده في الحال لم يكن في الأزل متّصفا بالكريّة.
وبعبارة اخرى : كما يقال : زيد كاتب وشاعر وقائم مع الإشارة إلى الوجود المفروغ ، كذلك يقال : زيد حادث بعين العناية الاولى ، بلا فرق أصلا ، ومعنى حدوثه انعدامه في الأزل ، وكذلك يقال : هو بحيث ينعدم ، وليس هذا اجتماعا للنقيضين ؛ لاختلاف الزمان ، وإنّما يلزم مع اتّحاده ، كما قيل : زيد كان معدوما ، كما يقال : كان كاتبا ، ويلاحظ عناية وجوده في ظرف النسبة ، والمفروض أنّ عناية الوجود في حال النطق.
ولا فرق بين قولنا : هذا الزيد غير كائن في المسجد ، وبين قولنا : هذا الزيد غير كائن في الأزل ، فكما لا يلزم اجتماع النقيضين في الأوّل ، فكذا في الثانى ، غاية الأمر لاختلاف المكان في الأوّل ولاختلاف الزمان في الثاني ، ثمّ بعد ما صحّ سلب أصل الوجود الأزلي ولم يناف مع عناية الوجود فليس حال أعراض الوجود من القيام وغيره بأعلى منه ، فكما أنّ وجود زيد حادث ، كذلك كتابته وقيامه وغير ذلك من عوارضه ، فكما يقال : زيد المتلبّس بالوجود فعلا غير متلبّس بالوجود في الأزل ، كذلك يقال : زيد المتلبّس فعلا بالوجود غير متلبّس بالكتابة الكائنة في الأزل.
لأنّا نقول : لا يخلو الحال إمّا [أن] يجعل الزمان والأزل قيدا للمحمول ، أو يجعل ظرفا للنسبة ، فعلى الأوّل لا ينافي مع عناية الوجود كما ذكرت ، ولكن هذا المعنى غير قابل للاستصحاب ؛ لأنّ العدم الأزلي غير مشكوك حتّى يستصحب ، وعلى الثاني فلا بدّ من تعليق العدم في ظرف الأزل بالموضوع مع عناية الوجود ، كما يقال