على كلا الفرضين ، إنّما الإشكال في صورتين.
إحداهما : صورة العلم بالحدوث والشكّ في البقاء إمّا مع وجود الحالة السابقة في الاتّصاف بالقيام أو بنقيضه ، أو مع عدمها ، والثانية : صورة العلم بالحدوث مع البقاء وعدم الحالة السابقة في الاتّصاف ، ففي كلتا الصورتين مع عدم الحالة السابقة يستصحب عدم تحقّق قضيّة «زيد قائم» وعدم خروجها عن العدم الأزلي إلى الوجود ، وكذا في الصورة الاولى مع سبق الاتّصاف بعدم القيام ، وفي الصورة الاولى مع سبق الاتّصاف بالقيام نقول : الأصل بقاء قضيّة «زيد قائم» وبقائها في عالم الكون ، وعدم انقلابها بالنقيض.
لأنّا نقول : استصحاب عدم تحقّق القضيّة أو تحقّقها لا يثبت اتّصاف شيء خارجي بعدم المحمول أو بثبوتها ، وإنّما يثبت معنى بسيطا وهو ثبوت الشيء أو نفيه ، وهو غير ثبوت شيء لشيء ، ونفي شيء عن شيء.
مثلا لو شككنا في الماء الموجود في اتّصافه بالكريّة أو عدمها من أوّل وجوده فعلى قولك يصحّ استصحاب عدم تحقّق قضيّة «هذا الماء كرّ في الازل» فيحكم بترتّب آثار قلّة هذا الماء الخارجي ، ويقال : إنّه بالملاقاة تنجّس ، وذلك لأنّ عدم الانفعال مرتّب على قضية «هذا الماء كرّ» فإذا استصحب نقيض الموضوع لا يبقي شك في نقيض الحكم ، ونقيض عدم الانفعال هو الانفعال ، فيحكم بانفعال الماء الخارجي ، هذا ما يلزم من قولك ، مع أنّه لا يمكن الالتزام به ؛ لأنّ الانفعال أثر الاتّصاف بالقلّة وعدم الكريّة ، والاستصحاب المذكور لا يثبت حال الماء الخارجي وأنّه كرّ أولا ، وإنّما يثبت أنّ قضيّة هذا كرّ غير متحقّق ، وهذا غير أنّ هذا الماء غير كرّ.
وكذلك استصحاب عدم حيضيّة هذا الدم من الأزل لا يفيد بحال هذا الدم ، ولا يحكم بأنّه استحاضة ، فيرتّب عليه ما يرتّب على دم الاستحاضة من الآثار.
ومن هذا الباب استصحاب عدم التكليف الأزلي الذي تمسّك به للبراءة في الشبهة الحكميّة ، فإنّ عدم مجعوليّة الحرمة في شرب التتن من الأزل لا يفيد بحال