في ما يتعلّق بمسألة بقاء الموضوع في الاستصحاب.
يعتبر في الاستصحاب كون الشكّ في بقاء القضيّة المحقّقة في السابق بعينها في الزمان اللاحق ، وهذا المعنى يتوقّف على بقاء الموضوع ، والموضوع مختلف حسب اختلاف القضايا ، ففي قضيّة «زيد موجود» وكذا «قيام زيد موجود» هو الطبيعة المقرّرة ذهنا ، وفي قضيّة «زيد قائم» هو الطبيعة بوصف وجودها الخارجي ، فلا بدّ من تحقّق الموضوع في اللاحق على النحو الذي كان معروضا في السابق.
وعلى هذا فإذا شك في اللاحق في قيام زيد مع الشكّ في وجوده ، سواء كان الشكّ الأوّل مسبّبا عن الثاني أم لا صحّ الاستصحاب إذا كانت القضيّة الشرعيّة على النحو الأوّل ، ولا يصحّ إذا كانت على النحو الثاني.
أمّا الأوّل فواضح ؛ لأنّ الشكّ قد تعلّق بعين ما كان متيقّنا وهو مفهوم قيام زيد ، وأمّا الثاني فلأنّ القضيّة الشرعيّة هو زيد قائم ، وهي محتاجة إلى وجود زيد والفراغ منه ، وهو منتف حسب الفرض ، فما كان موضوعا للأثر ليس مشكوكا حتّى يستصحب ، والذي هو مشكوك ليس له أثر شرعي.
لا يقال : في صورة عدم الموضوع يكون نقيض القضيّة متحقّقا ، وإلّا يلزم ارتفاع النقيضين ، ففي جانب الثبوت وإن ثبت الاحتياج إلى فراغ الوجود ، ولكن في جانب اللاثبوت يكفي عدم الموضوع ، كما يكفي عدم المحمول ، فالقضيّتان مشتركتان في صحّة الاستصحاب.
والحاصل : لا إشكال في صورة الشكّ في أصل حدوث الزيد ، فإنّ المستصحب إمّا عدم تحقّق قيام زيد ، وإمّا عدم تحقّق قضيّة «زيد قائم» وأثره ارتفاع الأثر المترتّب على الأمرين ، وكذا لا إشكال أيضا في صورة العلم بحدوثه وبقائه مع العلم باتّصافه سابقا إمّا بالقيام ، وإمّا بنقيضه ، فإنّ المستصحب هو الحالة السابقة