من العموم الفردي والإطلاق الزماني معناه ، وإنّما التصرّف بحسب الجدّ ، فيقتصر في مخالفته على مقدار العلم ويرجع في ما زاد إلى أصالة الجدّ.
ونقل شيخنا الاستاد دام ظلّه عن سيّده الاستاد طاب ثراه أنّه استدلّ على عدم جواز التمسّك بالعموم في جميع الصور الثلاث المذكورة بأنّ الاستمرار الذي يفيده الإطلاق إنّما هو تبع لما هو مفاد اللفظ بحسب الوضع ، فإذا كان المفاد الوضعي منحصرا في تعليق الحكم على كلّ فرد فالإطلاق من حيث الزمان في كلّ فرد منوط بدخول هذا الفرد تحت العموم ، فلو خرج في زمان ولم ينعقد فيه مفاد القضيّة ، فليس لنا مقدّمات حكمة قاضية بالاستمرار ، لانتفاء موضوعها ، والعمل بالعموم يكفيه دخول الفرد زمانا ما ولو كان في آخر وجوده.
نعم لو كان هنا في مدلول القضيّة وما هو ملحوظ المتكلّم ملاحظة الزمان سواء بنحو العموم الأفرادي أم المجموعي كان للأخذ بالعموم الزماني بعد انقضاء الزمان المتيقّن مجال ، ولكنّه خلاف الفرض وأنّه من باب الإطلاق وعدم لحاظ الزمان أصلا ، وحينئذ فعقد المقدّمات منوط بالعموم الفردي ، وهذا ما استفاده هذا الحقير من نقله دام ظلّه في مجلس الدرس.
ولكن للحقير إشكال في هذا وهو أنّ العموم الفردي إذا كان يكفيه زمان ما ولو في آخر أزمنة الوجود ، والإطلاق الزماني أيضا تابع للعموم الفردي فيلزم جواز الرجوع إلى استصحاب عدم الحكم من أوّل وجود الفرد والحال أنّ هذا خارج عن قضيّة كلّ من العموم والإطلاق ، وليس في البين حسب الفرض ظهور آخر كان قضيّته ذلك ، ولهذا صرّحوا بأنّ الأمر في صورة خروج الفرد من أوّل الأمر دائر بين رفع اليد عن أحد الظهورين من العموم والإطلاق ، وعلى هذا لا منافاة فيه لشيء منهما.
هذا مضافا إلى عدم تماميّة أصل الكلام على فرض السلامة عن هذه الخدشة ، لورود الإشكال السابق عليه ، وقد اعترف بذلك الاستاد دام علاه ؛ إذ بعد محفوظيّة مرتبة الاستعمال عن ورود التصرّف عليه لا مجال للكلام المذكور ، كما هو واضح من البيان المتقدّم.