فى استصحاب تأخّر الحادثين (١)
مقدمة : قد يتوهّم من قولهم في مقام تصحيح بعض الأجزاء بالأصل وبعضها بالوجدان أنّه إن كان اعتبارها بنحو التركيب جاز ، وإن كان بنحو التوصيف والتقييد لم يجز ، فربّما يتوهّم من هذا الكلام أنّ موضوع النجاسة هو الماء الملاقي للنجس مع عدم الكريّة ، بحيث يعرض النجاسة على المجموع في عرض واحد.
وهو توهّم بارد ، بل المقصود من قولهم اعتبار التركيب أنّ الموضوع هو الماء الملاقي في حال عدم الكريّة لا بوصف عدمها ، فلو لاقي اليد النجسة الماء وجدانا واستصحب عدم كريّته فإن اعتبر عدم الكريّة في التنجّس حالا جاز ، وإن اعتبر وصفا لم يجز.
وليس المراد بالحال هو الحال النحوي أعني ما عبّر عنه في الألفيّة بقوله : «الحال وصف فضلة منتصب» فإنّه أيضا وصف لذي الحال ، وقد اعتبر اتّصافه به ، مثلا إذا قيل : لو مات الميّت والحال أنّ عليه الدين فكذا ، أو تولّد الولد حالكونه حيّا فكذا ، فلا يجوز ضميمة استصحاب الحياة والدين إلى الولادة والموت الوجدانيين ، لعدم إحراز الاتّصاف إلّا على الأصل المثبت ، نعم قد تصوّرنا وجها لجريانه بإرجاعه إلى إسقاط الوصف ، لكنّ الكلام الآن مع الغضّ عنه والمماشاة على طريقة القوم.
بل المراد به هو ما يعبّر عنه في الفارسيّة ب «گاه وهنگام» أعني أنّه إنّما اعتبر مجرّد أن يكون زمان واحد مجمعا للأمرين ، أعني الملاقاة وعدم الكريّة ، بدون ملاحظة لزائد على هذا.
فكلّ موضع اعتبر أحد الشيئين في حال الشيء الآخر بهذا المعنى جاز إثبات أحدهما بالأصل والآخر بالوجدان ، سواء كان ذلك بنحو مفاد كان التامّة ، أعني
__________________
(١) راجع ص ٥٦٠