كان يعمل في حال يقينه بها عملا وهو كونه آتيا ببقيّة المأمور به في الأوّل وبها مع الطهارة في الثاني ، فالشارع بلسان : أبق عملك الذي كنت تعمله في حال اليقين بهذين يسقط القيد عن العمل في صورة استصحاب الطهارة ويضيفه إليه في صورة استصحاب الحدث ، وهكذا الحال في سائر الموارد الأخر.
والحاصل لا إلجاء إلى انتهاء الأمر إلى إثبات الموضوع المتّصف في قابليّة المورد لشمول دليل لا تنقض ، بل الدليل واف بنفس اجرائه في القيد بدون الانتهاء المذكور ، إذ لا يعتبر في شموله إلّا وجود العمل المربوط بالشرع مع وجود قابليّة المحلّ للتصرّف الشرعي بأحد أنحائه، وقد فرضنا حصولهما بالنسبة إلى نفس القيد ، فلا حاجة إلى إثبات المتّصف أو الاتّصاف به.
نعم قد يكون الوجود الاستصحابيّ للقيد غير كاف إمّا للتكليف (١) بالبقيّة ، وإمّا لتحقّق عنوانه ، توضيح ذلك أنّ بعض التكاليف لا يقنع فيها بالوجود الأصلي ، بل ولا بالوجود الأماري ، بل لا بدّ فيها من وجود الموضوع تحقيقا مثل تكليف تقبيل اليد ، فإنّه لو شهدت البيّنة أيضا بالحياة لا يتوجّه إلى المكلّف تكليف «قبّل» فضلا عن قيام الأصل على الحياة ، وذلك للشكّ في مقدوريّته بدون القطع الوجداني.
وبعضها يكون كذلك لأجل تقوّم عنوان التكليف بالوجود التحقيقي ، وذلك مثل عنوان القتل لو وقع موردا لتكليف ، فرأينا جثّة ملقاة على الأرض وشككنا في حياتها وموتها ، فقدّها رجل نصفين ، فلا يمكن استصحاب الحياة إلى زمان الضرب نصفين ؛ لأنّ القتل ليس عبارة عن الضرب في حال حياة المضروب ، بل هو إزهاق للروح الحقيقي ، ولا يكفيه الروح الاستصحابي.
والفرق بين هذا المثال والمثال السابق أنّ الأمارة هنا لو قامت على الحياة كانت مفيدة لإثبات القتل ، بخلافها هناك كما عرفت.
وحينئذ نقول : يمكن أن يكون إشكالهم في استصحاب حياة الولد حين انفصاله
__________________
(١) اللام للصلة لا للعليّة.