أيضا في الاستصحاب التعليقي (١)
لا إشكال في جريان استصحاب الحكم التعليقي في حدّ ذاته ، لتحقّق الأركان فيه ، فإنّه حكم وله نحو ثبوت ونفس أمريّة ، فإذا صار متعلّقا لليقين والشكّ مع وحدة الموضوع عرفا ، فلا مانع من عموم دليل الاستصحاب.
وتوهّم أنّه ليس بحكم أصلا قبل وجود المعلّق عليه ـ كما يظهر من كلام بعض الأكابر أعلى الله مقامهم ـ وبعد وجوده يكون مشكوك الحدوث ، قد بيّن دفعه في محلّه من أنّ الوجوب المشروط يكون للمنشإ فيه وجود وثبوت وتحقّق.
نعم قد يستشكل في المثال الذي دار في الألسن لهذا الاستصحاب من قضيّة «إذا غلى العصير يحرم» إذا تبدّل العنبيّة بالزبيبيّة وصار منشئا لشكّنا في زوال الحرمة التعليقية المذكورة عن الزبيب ، بأنّ سنخ الحكم الذي كان في السابق غير محتمل البقاء في الحال اللاحق ؛ لأنّه حرمة عصير العنب في تقدير الغليان ، وهذا يعلم بعدم تحقّقه في موضوع الزبيب المفروض كونه جافّا لا ماء له.
نعم يمكن وضعه في الماء حتّى يتداخل منه أجزاء لطيفة في ذلك الماء ، لكن هذا لا يصحّح إضافة ذلك الماء إليه إلّا بضرب من المسامحة ، والحاصل كانت الحرمة التعليقيّة في العنب متعلّقة بمائه الحقيقي ، وليس للزبيب ماء حقيقي حتّى يتعلّق ببركة الاستصحاب التعليقي الحرمة المذكورة أيضا به ، وإنّما قال من قال بحرمة العصير الزبيبي بواسطة الأخبار الخاصّة ، كما يعلم بمراجعة الفقه.
وكيف كان فهذه مناقشة في المثال لا يضرّ بأصل المطلب وهو تحقّق الأركان في الاستصحاب في الحكم التعليقي في ما إذا كان محتمل البقاء لاحقا مع حفظ الوحدة العرفيّة في الموضوع ، إنّما الإشكال في معارضته مع الاستصحاب الفعلي الموجود في غالب الموارد على خلافه وإن أمكن تفكيكه في بعض الموارد لتحقّق الموافقة بينهما.
__________________
(١) راجع ص ٥٤٢