وأمّا ما ذكر في الحادثين المجهولي التاريخ فمجرّد كون الأثر مرتّبا على العدم في زمن حدوث الآخر لا يوجب عدم جريان الاستصحاب في الآن الأوّل من الآنين المتّصل بآن اليقين بالعدم ؛ فإنّ للعدم أثر الجزء الموضوعي ، فإشكاله إنّما هو في عدم إحراز الجزء الآخر، وهو حدوث الآخر في زمان هذا العدم ، فلو اقتصر إلى ما قبل زمان القطع التفصيلى بكلا الحادثين بالأعمّ من الحدوث والبقاء فلا يحرز ذلك ، وإن اشير إلى واقع زمان حدوث الآخر ويجرّ العدم بالاستصحاب إليه كان من المحتمل انطباقه على زمان القطع التفصيلي ، وهذا ما حقّقه شيخنا الاستاد العلّامة أيضا ، فلا إشكال وراء ما ذكره ، ألا ترى صحّة الاستصحاب في ما إذا كان أحدهما معلوم التاريخ والآخر مجهوله في مجهولهما.
والحاصل أنّ زمان الحادث الآخر إن اعتبر قيدا للمستصحب ، بأن كان المستصحب عدم الكريّة المتّصف بكونه في زمان الملاقاة مثلا ، فالمستصحب حينئذ عدم هذا العدم الخاص لا نفسه إن اعتبر الاتّصاف بنحو مفاد كان التامّة ، وإن اعتبر بنحو مفاد كان الناقصة فلا حالة سابقة أصلا.
وإن لم يعتبر قيدا بأن كان المستصحب نفس عدم الكريّة بدون قيد له فلا جرم يكون عنوان زمان الملاقاة إشارة إلى الزمان الخارجى ، ولا شكّ أنّ الزمان الخارجي منقسم إلى قسمين ، قسم يكون فيه الشكّ التفصيلي في وجود الكرّية ، ولكن لم يحرز فيه وجود الملاقاة، وقسم احرز فيه وجود الملاقاة ، ولكن يكون ظرفا للعلم التفصيلي بوجود الكرّية ، فالاستصحاب غير جار ؛ لكونه شبهة مصداقيّة لنقض اليقين بالشكّ أو باليقين الآخر ، وأين هذا من عدم إحراز اتّصال زمان شكّه بزمان يقينه كما هو مرام المحقّق المزبور وأيّده الفاضل المذكور.
وإن شئت توضيح المقام ازيد من هذا فارجع إلى ما كتبناه من تقريرات بحث الاستاد العلّامة أدام الله على المحصّلين أيّامه في الدورة السابقة ، والله العالم وهو الهادي إلى الصواب في كلّ باب.