وأمّا إن جعلنا موضوعهما التحيّر وعدم الطريق فنقول حينئذ : وإن كان يتحقّق الورود لو قدّمنا كلّا منهما ومن الأصل فإنّ الموضوع في كلا الطرفين هو المتحيّر ، والحكم في كليهما بلسان الواقع ، ولكنّ الفرق أيضا باللسان المذكور أعني أنّ الأصل لسانه إعطاء الواقع في موضوع التحيّر ، ولكن دليل الأمارة والدليل لسانه إعطاء الواقع بغرض رفع التحيّر ، فهذا اللسان يوجب تقديم هذا الدليل على دليل الأصل وإن كان بعد تقديمه يتحقّق الورود بالنسبة إلى دليل الأصل.
فغرض الشيخ أعلى الله مقامه أنّه لا محيص عن القول بالحكومة ، سواء فسّرنا الشكّ والعلم المأخوذ شرعا في موضوع الاصول والمعتبرين عقلا في أدلّة الأمارات والأدلّة بمعنى الصفة النفسانيّة ، أم فسّرناهما بمعنى التحيّر واللاتحيّر ، فعلى كلّ تقدير يحتاج إلى إثبات الحكومة والنظر التنزيلى المذكور في دليل الأمارة والطريق ، وليس اختيار الثاني تفصّيا عن التزام الحكومة ، كما يظهر من المتوهّم الذي ذكر الشيخ قدسسره هذا الكلام في دفع توهّمه.
ثمّ إنّه قد بان ممّا ذكرنا وجه دفع للإشكال المتقدّم في مبحث حجيّة القطع على قيام الأمارات وبعض الاصول مقام العلم المأخوذ جزء الموضوع على نحو الطريقيّة بما مرّت الإشارة إليه ، وقد أجبنا عنه بأنّ مراد الشيخ قدسسره من القطع الطريقي جامع الطريق المعتبر.
فاستشكل بأنّه حينئذ تكون الأمارة مصداقا حقيقيّا ، فلا معنى للتعبير بالقيام مقامه الظاهر في كونه تنزيليّا ، إذ بناء على ما مرّ هنا نقول في دفع الإشكال المذكور مع تسليم أنّه ليس بالمراد باليقين الطريقي جامع الطريق أنّ الملحوظ في دليل اعتبار الأمارة أوّلا تنزيل المؤدّى والمفاد منزلة الواقع ، وثانيا وفي الطول تنزيل الظنّ منزلة العلم بالتقريب المتقدّم ، فلا مجال للإشكال.
ثمّ إنّه ذهب المحقّق الخراساني قدسسره إلى ورود الأمارات والطرق على الاستصحاب وسائر الاصول العمليّة ، والذي أفاده في تقريب المدّعى يرجع