ثمّ هذا الذي ذكرنا في تقريب الاشتغال يجرى في الصورتين الاخريين من العجز الطاري في الواقعة الواحدة وفي الوقائع المتعدّدة ، كما هذا هو الكلام في الأصل العقلي.
وأمّا النقلي وهو قاعدة الاستصحاب والميسور في صورتي طروّ العجز بناء على كون قاعدة الميسور قاعدة تعبّدية ـ كما يظهر من تمسّك العلماء بها ـ لا عقليّة إرشاديّة ، فيكون محطّها ما إذا كان المقتضي للمطلوبيّة في الميسور مفروغا عنه مطلقا ، فلا يخفى عدم تماميّة أحد تقريبيهما وهو المسامحة في عدم عدّ الغيريّة والنفسيّة معدّدين لشخص الوجوب ، لكون هذا على خلاف الواقع.
فمن كان يطلب شراء الدلو مثلا طلبا غيريّا مترشّحا من طلب استقاء الماء من البئر إذا زال منه هذا الطلب بزوال علّته وحدث فيه طلب نفسي بهذا الموضوع ، يعدّ العرف هاتين الحالتين منه فردين متغايرين من الطلب ، أحدهما حدث بعد زوال الآخر ، والاستصحاب والقاعدة بملاحظة شخص الوجوب غير جاريين ، فلا بدّ من ملاحظتهما بالنسبة إلى الجامع حتّى يكون من قبيل استصحاب الكلّي من القسم الثالث ، وهو أيضا غير جار في خصوص المقام.
وأمّا التقريب الثاني ـ وهو المسامحة في الموضوع وإجراء القاعدتين بالنسبة إلى الحكم النفسي ـ فقد يورد عليه بأنّ لازم هذا التقريب جواز الاكتفاء بالناقص حتّى في حال التمكّن من التامّ.
وبعبارة أخرى : إن رأى العرف للشرط والجزء المعسورين مدخليّة في الموضوع فلا يعقل أن يرى عين القضيّة السابقة بموضوعها ومحمولها باقية بعد التعذّر ، وإن لم يفهم المدخليّة فاللازم التوسعة في القضيّة من أوّل الأمر قبل طروّ العجز.
والجواب أنّ رؤية المدخليّة لا تنافي مع رؤية الموضوع هو الناقص ، ألا ترى أنّ الماء ما لم يتغيّر لا يتّصف بالنجاسة ، والعرف أيضا ملتفت من الشرع إلى ذلك ، ومع