قوّيناه على خلاف شيخنا المرتضى قدسسره من الاحتياط في ما إذا خرج أحد طرفي العلم الإجمالي عن محلّ الابتلاء وكان الآخر داخلا فيه.
ومقامنا من هذا القبيل ؛ إذ لا يخلو الأمر بحسب موطن الثبوت عن أمرين ، إمّا يكون للجزئيّة إطلاق وإمّا لا ، فعلى الأوّل يحكم بمقتضى إطلاق المادّة وكون القدرة على ذلك الجزء شرطا عقليّا لا شرعيّا بكون المطلوب هو التام ، وعلى الثاني نحكم بمقتضاه أيضا بكونه هو الناقص ، ولا ثالث لهذين ، فنعلم إجمالا بوجود الطلب المطلق ، يعني ما لا قيد له أصلا ، أوله قيد ولكنّه حاصل إمّا متعلّقا بالتامّ أو بالناقص ، ولكنّا نشكّ في فعليّة الخطاب من جهة احتمال تعلّقه بالتامّ ، ومقتضى ذلك العلم هو الاحتياط بالموافقة الاحتماليّة.
لا يقال : إنّا ندور في متابعة الغرض مدار الأمر ، فالمقدار الذي وقع تحت التحميل بالأمر هو اللازم ، وغيره غير لازم وإن بقي احتمال بقاء الغرض ، كما مرّ ذلك مفصّلا في بيان الانحلال في الأقلّ والأكثر ، وهنا أيضا نقول : حيث إنّ المفروض أنّه لا إطلاق في شيء من أمري الناقص والتامّ ، فلو كان هنا غرض في الناقص لكان عليه جعل الأمر بالناقص مطلقا ، والمفروض عدمه ، فالقصور من قبل الآمر ، ولا ربط بالمكلّف.
قلت : مضافا إلى عدم الفرق بين هذا وبين المثال المسلّم من الشكّ في القدرة إلّا في كون الشكّ هناك موضوعيّا ليس رفعه وظيفة الشارع ، وهنا حكميّا رفعه من وظيفته ، وقد قرّر في محلّه أنّ مجرّد ذلك لا يجدي فرقا في حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ، أنّ المفروض في المقام أيضا هو العلم بأحد الأمرين ، إمّا بالتامّ وإمّا بالناقص ، فالأمر بالناقص طرف للعلم الإجمالي وإن كان ليس له طريق إثبات تفصيلى. وبالجملة ، صار بصدد تحصيل غرضه بالأمر ، وإتيان الناقص يكون باقتضاء ما علم من أمره ، لا أنّه خارج عن ذلك حتّى يجري فيه الكلام المتقدّم.