الجهة فقط ، ولا نقص فيه من هذه الجهة اقتضاء أيضا ، بل هذه الجهة أعني ورود الترخيص والإذن في موضوع الشكّ جهة غالبة ويوجب مغلوبيّة الحكم المذكور ، فالحكم المذكور يصير مقتضيا تامّا للبعث والزجر مغلوبا للجهة العارضة الغالبة أعني الحكم الأصلي بالخلاف.
ومثل هذا لا يحتاج في تنجيز العلم المتعلّق به إلى تتميم من الشارع كما كان كذلك في المرتبة الاولى ، فالعلم في المرتبة الاولى موضوع على وجه الطريقيّة وكان له أثران ، أحدهما شرعي وهو إعطاء الفعليّة ، والآخر عقلي وهو التنجيز.
ولهذا استشكل المحقّق لمذكور في قيام الطرق والاصول مقامه على حسب مذاقه قدسسره ، وأمّا في هذه المرتبة فهو طريقي محض لا أثر له إلّا التنجيز ، فإنّ إعطاء الفعليّة قد تمّ فيه نفسه ، والمزاحم الذي يغلبه وهو الحكم الأصلي المخالف معدوم بالفرض ، فلا يؤثّر العلم فيه أثرا شرعيّا ، بل يتمحّض تأثيره في العقلي وهو التنجيز. ولهذا لا إشكال في قيام الإمارات والاصول مقام هذا العلم ، هذا.
فتحقّق من هذا أنّ الموضوع للأصل أيضا متحقّق ، فإنّه الشكّ في حكم لو تعلّق به بدون إمداد جعل آخر شرعي إليه العلم لأثّر التنجيز وهو موجود في المقام ، بخلاف الحال بناء على مختار الحاشية.
والمرتبة الثالثة هي الفعليّة التامة من تمام الجهات الملازمة للبعث والزجر في النفس النبويّة أو الولويّة صلوات الله عليهما ، فالذي يتولّد منه المحذور احتمال وجود هذه المرتبة في مورد الأصل المرخّص ، فإنّه احتمال التناقض ، وأمّا الفعليّة المترقّبة عن محض الإنشاء المنحصر مانعة في الترخيص الناشئ عن المقتضي والملاك الموجود في الشكّ فاحتمال وجودها في مورد الأصل المرخّص لا محذور فيه ، فإنّه إن كان الموجود في الواقع هو الترخيص فليس من اجتماع المثلين لكون الحليّة الأصليّة متّحدة وعينا مع ذلك الترخيص ، لكونها ناظرة إلى الواقع ومن سنخ الحكم الطريقي ، وإن كان الموجود هو الإيجاب أو التحريم فلا تناقض ، لعدم البعث والزجر ومجرّد الفعليّة المنفكّة عنهما بواسطة المغلوبيّة لا تضادّ الإذن والترخيص.