الذي يكون الزائد عليه غير مأخوذ هو أصل الماهيّة والحقيقة الموجودة في ضمن كلّ شخص وكلّ خاصّ ، لكن الزوائد والخصوصيّات الشخصيّة التي قوام الخاص بها خارجة عن مورد التكليف ، والاكتفاء بالخاص في مقام الامتثال إنّما هو من باب التسليم من باب انطباق المطلوب عليه عقلا ، لا لكونه متعلّق التكليف مستقلّا.
ولهذا يقال في جانب الأمر المتعلّق بالطبيعة بأنّ التخيير بين الأفراد عقليّ ولو كان الفرد مورد التكليف شرعا ، كان التخيير شرعيّا فمعنى كونه عقليّا أنّ الشرع وإن أراد من المكلّف أمرا واحدا وهو الطبيعة ، ولكن عند التسليم يخيّره العقل بين الأفراد ؛ لصدق الطبيعة على كلّ منها وانطباقها عليه.
وإذن فنقول : كما أنّ الزائد على المقدار الذي وقع تحت التكليف ليس على المكلّف، كذلك المقدار الذي وقع تحته أيضا يجب بحكم العقل أن يحصل اليقين بالفراغ
__________________
ـ باعتبار الوجود السارى بالبراءة في الاولى والاشتغال في الثانية أنّ في الاولى ما هو وظيفة الشرع وهو بيان الحكم الكلّي أو المفهوم الكلّي لم يرد بيانه من الشرع ، فكان العقاب قبيحا ، وأمّا في الثانية فالمفروض أنّ ما هو شأن الشارع وهو الكبرى لا نقصان فيه ، والشكّ في أمر خارج عن وظيفته ، ومعه لا قبح في العقاب ، وحاصل الدفع أنّ البيان الذى اخذ في قاعدة قبح العقاب بلا بيان ليس خصوص البيان الذي كان وظيفة للشارع ، بل المقصود مطلق وضوح الحال الذي يعبّر في الفارسيّة في مقام الاحتجاج «مى دانستى» أو «چه مى دانستم» ومن المعلوم أنّ النتيجة تابعة لأخسّ المقدّمتين ، فكما عند الشكّ في الكبرى يصدق هذا المعنى فكذلك مع الشكّ في الصغرى ، وهذا واضح ، وإلّا فقد يكون البيان في الحكميّة أيضا خارجا عن وظيفته ، وهو ما إذا بيّن بيانا متعارفيّا لو لا منع المانعين وإخفاء الظالمين لوصل إلينا أيضا ، لكن منعوا فلم يصل ، فليس رفع هذا المانع من وظيفته.
ثمّ إنّ حكم العقل في الحكميّة والموضوعيّة على نسق واحد من تقييده بما بعد الفحص ، بمعنى أنّه لو كان أمارة وحجّة يظفر بها بفحص متعارف فلا استقلال للعقل بقبح العقاب لو ترك الفحص وارتكب فتبيّن الحرمة ، نعم البراءة الشرعيّة غير مقيّدة فيشمل ما قبل الفحص أيضا لإطلاق دليلها. منه قدسسره الشريف.