أصالتي الحليّة والبراءة ، (١) والطهارة لا تعارض بأصالة عدم تحقّق الميتة التى جعلت موضوعا للحرمة في الآية الشريفة : «حرّمت عليكم الميتة» فإنّ عنوان الميتة ليس إلّا أمرا عدميّا ، فإنّه عبارة عن عدم تحقّق شروط التذكية المقرّرة في الشرع مع إزهاق الروح ، وهذا اصطلاح ثانوى متشرّعي له وإن كان في العرف العامّ عبارة عن خصوص حتف الأنف ، وإذن فليس عنوانا آخر غير التذكية ، بل هو عدم عنوان التذكية فأصالة عدم التذكية ، مضمونها إثبات الميتة الشرعيّة ، هذا في ما إذا لم يكن في البين شبهة حكميّة بأن كان اللحم المذكور من الشاة وشكّ في تحقّق شروط التذكية فيه.
وأمّا إن كانت الشبهة حكميّة مثل الحيوان المتولّد من غير مأكول مثل الدبّ ومأكول مثل الشاة مع عدم تسميته باسم أحدهما ـ حيث إنّه يشكّ في صيرورة لحمه بعد التذكية حلالا أو لا لأجل الشكّ في قابليّته للتذكية وعدمها ، وهذا الشكّ في اللحم الخاص ليس راجعا إلى الموضوع ، للعلم بتحقّق شروط التذكية من إسلام الذابح والاستقبال والتسمية وكون آلة الذبح حديدا وغيرها ، والشكّ إنّما هو في قابليّته هذا الصنف من الحيوان للتذكية وعدمها ـ فجريان الاستصحاب في هذه الشبهة مبنيّ على مطلب آخر وهو تحقيق أنّ التذكية ، ما هي؟
فإن قلنا : بأنّها عبارة عن نفس هذه العمل والحركة الخارجيّة مع الكيفيّة الخاصة فليس فيه شكّ حتّى يجري فيه الاستصحاب ، وليس هنا أصل يحرز به القابليّة أو عدمها ، فيكون أصالة الإباحة والطهارة جارية.
وأمّا إن قلنا بأنّها عبارة عن أمر بسيط متحصّل من هذا العمل الخارجي نظير الطهارة في الإنسان حيث إنّها حالة منتزعة من الغسلتين والمسحتين ، ونظير الحدوث فإنّه ليس عبارة عن العدم إلى الحال والوجود من الحال ، وإنّما هما
__________________
(١) يعني الشرعيتين ، وإلّا فبالنسبة إلى البراءة العقلية وارد. منه قدسسره.