لغيره «لا تفعل كذا» ناهيا له ، وبين قوله «أنا كاره له». كما لا فرق بين قوله «افعل» آمرا له ، وبين قوله «أنا مريد منك أن تفعل».
وإذا كان جلت عظمته كارها لجميع المعاصي والقبائح من حيث كان ناهيا عنها أن يكون (١) استحال أن يكون مريدا لها ، لا (٢) لاستحالة أن يكون مريدا لها (٣) كارها للأمر الواحد على وجه واحد.
ويدل أيضا على ذلك : أنه لو كان مريدا للقبيح لوجب أن يكون على صفة نقص وذم ان كان مريدا له بلا ارادة ، وان كان مريدا له بإرادة أن يكون فاعلا لقبيح ، لأن إرادة القبيح قبيحة ، وفاعلها فاعل القبيح ومستحق للذم. وخلاف في ذلك في الشائي كما لا خلاف في قبح الظلم من أحدنا.
وانما يدعي مخالفونا حسن ارادة القبيح إذا كانت من فعله تعالى ، كما يدعون حسن حالة صفة الظلم من فعله تعالى. وذلك باطل بما لا شبهة فيه.
وقد أكد السمع دليل العقل ، فقال الله تعالى (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ)(٤)(وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ)(٥) وقوله تعالى (كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً)(٦) وقال تعالى (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)(٧) وإذا كان خلقهم للعبادة فلا يجوز أن يريد منهم الكفر.
__________________
(١) الظاهر زيادة «أن يكون».
(٢) الظاهر زيادة «لا».
(٣) الظاهر زيادة «لها».
(٤) سورة غافر : ٣١.
(٥) سورة آل عمران : ١٠٨.
(٦) سورة الإسراء : ٣٨.
(٧) سورة الذاريات : ٥٦.