وقال الله تعالى (وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ)(١) ولو كان مريدا له لكان شائيا له وراضيا به.
وقد أجمع المسلمون على أنه تعالى لا يرضى أن يكفر به ويشتم أولياءه ويكذب أنبياءه ويفتري عليهم.
فأما تعلق المخالف بأنه لو حدث من العباد ما لا يريده تعالى ، لدل ذلك على صفة(٢) ، قياسا على رعية الملك إذا فعلوا ما يكرهه وما يريده فباطل.
الجواب عنه أنه غير مسلم لهم أن جميع ما يريده الملك من رعيته إذا وقع منهم خلاف ذل (٣) على ضعفه ، لانه لو أراد منهم ما يعود صلاحه ونفعه عليهم لا عليه ، لم يكن في ارتفاعه ووقوع خلافه ضعف.
ألا ترى أن رعية الملك المسلم يريد من جميعهم أن يكونوا على دينه ، لا لنفع يرجع اليه بل إليهم ، وقد يكون من جملتهم اليهود والنصارى والمخالف لدين الإسلام ، ولا يكون في تمسك هؤلاء بأديانهم واختلافهم الى ثبوت عاداتهم دلالة على ضعف ملكهم ونقصه.
وانما يضعف الملك بخلاف رعيته له إذا كان متكثرا بطاعتهم منتفعا بنصرتهم مقتصدا بقوتهم ، فمتى خالفن (٤) اقتضى الخلاف ضعفه ، لفوت منافعه وانتفاء نصرته ومعونته. والقديم تعالى عن أن ينتفع بطاعات العباد ، وانما هم المنتفعون بذلك ، فلا ضعف يلحقه من معاصيه ولا فوت نفع.
ويلزم المنتج بهذه الشبهة الضعيفة أن يضعف الله تعالى عن ذلك علوا
__________________
(١) سورة الزمر : ٧.
(٢) ظ : ضعفه.
(٣) ظ : خلافه دل.
(٤) ظ : خالفوا.