ومن دخلت عليه الشبهة فاعتقد أنه لم ينص على امام بعده ، فهو لا يطيع من يدعي إمامته بالنص ، لانه يعتقد أن في طاعته معصية للرسول صلىاللهعليهوآله وخروج عن طاعته.
وهذا لا ينافي بذله نفسه وقتله أباه وابنه في طاعة الرسول صلىاللهعليهوآله ، لانه إنما يبذل ذلك ويتحمل المشاق فيه لما اعتقد أنه طاعة له عليه فأما إذا اعتقد أنه معصية له فهو بحكم إيجابه على نفسه طاعة الرسول يمتنع منه ولا يدخل فيه.
فما جواب من قال : ان مفهوم هذا الكلام يدل على أن الجحد من هذه الفرقة التي جحدت النص لم يقع إلا بالشبهة دون العناد.
وهذا يدل على ان أعذارهم لم تكن انقطعت بعرفان مراد الناقص (١) وغرضه ، وهذا لا يكون الا التقصير من المخاطب لهم في إفهامهم.
وإذا كنا قد استدللنا على انه عليهالسلام لم يرد بخبر تبوك (٢) والغدير الا للنص ونحن لم نخص سماعها (٣) ، ولا رأينا الإشارات التي قربهما (٤) بها موضحة لمراده مولدة لبيانه ، فأحرى ألا يخفى ذلك على من سمعه ورآه.
فأما النص الجلي أيضا فيبعد إخفاء مراده أيضا فيه على مستمعيه بعدا زيد على بعده فيما تقدم ذكره.
ولئن لم يكن الأمر هكذا ليكونن التقصير في الافهام راجعا على النبي صلىاللهعليهوآله ، وقد نزهة الله عن ذلك ، لان ما يشتبه مراد المتكلم به فيه
__________________
(١) ظ : الناص.
(٢) وهو الخبر المتواتر بين الفريقين من قوله صلىاللهعليهوآله لعليّ عليهالسلام : أنت مني بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا نبي بعدي.
(٣) ظ : سماعهما.
(٤) ظ : قرنهما.