ثم ان هؤلاء العالمين على ضربين : فمنهم من عمل بما علم واتبع ما فهم ، وهم المؤمنون المتحققون. ومنهم من أظهر أنه غير عالم ولم يعمل بما علم ، وهم الضالون المبطلون.
وليس معنى قولنا «علم» أنه عليهالسلام واجب الطاعة مستحق للإمامة ، لأن ذلك لا يجوز أن يعلم قط من هو جاهل بالله تعالى وبالنبوة على ما تقدم ذكره. وانما قولنا «علم» أنه استدل أو اضطر الى أن النبي صلىاللهعليهوآله قصد بذلك القول إلى إيجاب إمامته والنص عليه ، وليس العلم بذلك علما بأنه إمام.
ألا ترى أن كل مخالف لنا في الملة يعلم ضرورة أن النبي صلىاللهعليهوآله قصد إلى إيجاب صلوات وعبادات ، وليس ذلك علما منه بوجوب هذه العبادات ، بل بان مدعيا ادعى إيجابها.
فأما الجاهلون : فعلى قسم واحد ، وهم الذين انفاذوا أين (١) ما لم يكن لشبهة الى الباطل ، وعدلوا عن الحق ضلالا عن طريقه ، وهم بذلك مستحقون لغاية الوزر واللوم.
ولسنا ندري ما الذي حمل من لج من بعض أصحابنا في القطع على أن جاحدي النص كلهم كانوا معاندين لم يعدلوا عن الحق بشبهة من غير فكر من غير هذا القاطع فيما يثمره هذا القول من الفساد.
ونظن أن الذي حمل على ذلك أحد أمرين : اما أن يكونوا اعتقدوا أن من ضل عن الحق لشبهة دخلت عليه معذور غير ملوم ولا مستحق للعقاب ، وأن المستحق للذم والعقاب هو الذي عدل عنه مع العلم.
وهذه غفلة شديدة ممن ظن ذلك ، والا لوجب أن يكون من ذهب عن الحق
__________________
(١) ظ : انقادوا أين.