بالشبهة في التوحيد والعدل والنبوة معذورا ، لانه ما علم ما نصرف عنه [الا] بالشبهة الداخلة عليه.
والأمر الأخر أن يكونوا اعتقدوا أن جحد النص والعمل بخلافه مع العلم به أعظم وزرا وأوفر عقابا من عقاب الذي لم يعمل به لجهله ودخول الشبهة عليه.
وهذا أيضا غلط شديد ، لان من عرف النص وعمل بخلافه انما يعاقب على ذنب واحد ، وهو العمل بخلاف ما وجب عليه منه ، ولا يعاقب على جهله به. ومن جهل النص ثم عمل بخلافه يعاقب على جهله به وعمله بخلافه ، فعقاب المخالفين في النص إذا كانوا انما عدلوا عن العمل به بالشبهة ، مع قيام الدليل وإيضاح الطريق ، أعظم عقابا وأوفر لوما وذما.
وما يجري الذاهب الى ما ذكرناه الا مجرى أبي علي الجبائي ، لأنه كان يذهب الى أن الأنبياء لا يجوز أن يقع منهم المعاصي مع العلم بأنها معاصي.
ويحتمل معصية آدم عليهالسلام على أنها وقعت منه ، لانه ظن أن المنهي يتناول عين الشجرة لا جنسها ، ولو علم أنه منهي عن الجنس لما يقدم على المعصية.
فقلنا لأبي علي : انك قصدت أن تنزيه (١) النبي عليهالسلام عن الاقدام بالمعصية مع العلم بأنها معصية ، فأضفت اليه معصيتين ، وهذه معصية يتقياق (٢) إلى معصية في التناول في عقاب معصيتين وذمهما أكثر من عقاب معصية واحدة ، وقلة التأمل يذهب بصاحبها كل مذهب ويركب مع كل مركب.
والذي مضى في خلال المسألة في اعتبار اشتقاق لفظ «النص» وأنّه من
__________________
(١) ظ : أن تنزه.
(٢) كذا في النسخة ، ولعل الصحيح : يتناهى.