التي أشرنا إليها ، وقد يتجدد كونه على الحال التي سمينا من كان عليها بأنه مريد وان كان علمه بكون الفعل إحسانا (١) ومتقدما غير متجدد ، وذلك القول في قضاء الدين داع الى فعله.
وقد يتقدم كونه عالما بهذه الصفة الداعية إلى الفعل وان لم يكن مريدا ، بل ربما كان كارها. ومما تبين انفصال هذه الصفة من الداعي متقدم (٢) لهذه الصفة.
ألا ترى أن علم أحدنا بأن الطعام يشبعه وهو جائع داع له إلى الأكل ، فإذا علم ذلك أراد الأكل ثم فعله ، فالداعي متقدم للإرادة ، وهي تالية له ومطابقة كما أن الفعل تال للإرادة.
وأجود ما قيل في هذا الموضع مما لم يخطر ببال المخالفين لنا في هذه المسألة ، وانما هو شيء زدناه على نفوسنا وأجبنا عنه ، أن يقال : ما أنكرتم أن يكون الحال التي أشرتم إليها وسميتموها بأنها حال المريد هي راجعة إلى الدواعي ، إلى (٣) أنه ليس كل داع يؤثرها (٤) ويحصل معه ، بل يجعل هذه الحال هي الصالحة عند قوة الدواعي وبلوغها الى الحد الذي لا بدّ معه من وقوع الفعل عقيبها ، فلا يمكنكم أن تقولن (٥) : انه قد يكون كذلك ولا يفعل الفعل ، لأنكم تذهبون الى أن الفعل يجب عند هذه الحال.
والذي يحلّ هذه الشبهة : انا قد علمنا أن أمورا متغايرة قد تتساوى في
__________________
(١) لعل الواو زائدة.
(٢) ظ : المتقدم.
(٣) ظ : الا.
(٤) ظ : يؤثر في الفعل.
(٥) ظ : تقولوا.