ومتعلقهما واحد إذا اختلف وجها تغايرهما.
وقد اختلف ها هنا كلام الشيوخ : فقال قوم : يجب أن يريد احداث الخلق بإرادة مفردة ، ثم يريد بإرادة أخرى احداثه لينتفع. وقال آخرون وهو الصحيح : انه يكفي إرادة واحدة لإحداثه على هذا الوجه.
ومن الذي قال : ان الأغراض هي الإرادات حتى مكلف ومسألة الرد لذلك ، ثم لو سلم لهم وان كان غير صحيح ، وان الداعي والأغراض كافية في كون الفعل واقعا لها ، ليس(١) قد بينا في كلامنا أن الداعي إلى الفعل داع الى فعل الإرادة له ، وأنه لا يجوز أن يفعل أحد منا فعلا لغرض يخصه. وهو غير ممنوع من الإرادة الا ويفعل ارادة له ، وأن ذلك معلوم ضرورة.
فيجب على كل حال أن يكون تعالى مريدا لما فعله من خلقنا الذي غرضه فيه أن ينفعنا بالثواب في حال خلقه لنا ، وقبل تكليفنا الطاعة التي نستحق بها الثواب.
وقد مضى في خلال هذه المسألة من المسائل لأنه (٢) عكس القضية ، وقال : ارادة الطاعة متقدمة لهذا الوقت. وفي هذا عكس ، فإن إرادته تعالى منا الطاعة انما هي تحصل بوقت أمره تعالى لنا به وتكليفنا إياها ، وهذا متأخر لا محالة عن الخلق ، بل متأخر عن حال إكمال العقل المتأخر عن زمان الاحداث والخلق.
وما مضى في أثناء المسألة من أنه تعالى خلق الحيوان الذي ليس بمكلف لينفعهم (٣) بالفضل والغرض وان كان تعالى ما أراد انتفاعهم ، صحيح ، وله
__________________
(١) ظ : أليس.
(٢) ظ : أنه.
(٣) ظ : لينفعه ، وكذا انتفاعه.