من الأمور المعلومة.
ومعلوم أن الروايات المصنفة في ذلك ليست بحجة فيه ، لأنها كلها مما يوجب الظن ، وهذه أمور مقطوع عليها ومعلومة ، لا مجال للريب في قال (١) أكثر الناس انه ضروري.
ألا ترى أنهم يستشهدون على أن الجدار في اللغة الحائط ، والحسام السيف ببيت من الشعر. ولو قيل للمستشهد بالبيت : من أين علمت أن هذا من لغة العرب وقطعت على ذلك؟ ما رجع الى هذا البيت وأمثاله ، بل عوّل على العلم الذي لا ريب فيه.
وإذا ثبت هذه الجملة فمن (٢) للسائل أن أهل التفسير استشهدوا في معاني القرآن العقلية وأحكامه الفقهية بأبيات شعر ، لا حجة في تفسيرهم لما فسروه ، الا ما أنشدوه. والصحيح أنهم ما فسروا شيئا من المعاني على سبيل القطع والبتات ، إلا بأمور معلومة ضرورة لهم أنها من اللغة ، وانما أنشدوا البيت والبيتين في ذلك لا على سبيل الاحتجاج ، بل على الوجه الذي ذكرناه.
وكيف يعتقد في قوم عقلاء أنهم عولوا في تفسير معنى يقطعون عليه وأنه المراد على ما هو مظنون غير مقطوع به؟
وانما لم يظهر لكل أحد في معاني القرآن ومشكل الحديث أنه مطابق لما يفسر به في لغة العرب ، على وجه لا يتطرق الشك عليه ، لان العلم بذلك والقطع عليه يحتاج الى ضرب من المخالطة ، إذا لم تحصل فلا تحصل ثمرتها.
وهكذا القول في غير اللغة من الاخبار التي أشرنا إلى القول فيها ومذاهب
__________________
(١) ظ : قول.
(٢) ظ : فمن أين للسائل.