المتكلمين والفقهاء وموضوعاتهم. فان بالمخالطة يعلم منها ضرورة ما لا يعلم كذلك مع عدم المخالطة.
ولم يبق بعد هذا الا أن يقال : ومن أين يعلم من خالط أهل اللغة غاية المخالطة لغتهم على القطع ، وهو مع أتم مخالطة انما يحصل على رواية أبي زيد والأصمعي وفلان وفلان ، وما في هؤلاء من يوجب خبره العلم.
والجواب عن ذلك أن يقال : ومن أين يعلم علما قاطعا الهجرة والغزوات الظاهرة والأمور الشائعة ، وان قربت مخالطته لأهل الاخبار وانما يرجع الى رواية أبي مخنف والواقدي وفلان وفلان. ومن أين يعلم البلدان ولم يشاهدها؟ وانما يرجع الى قول ملاح أو جمال.
فإذا قيل : أبو مخنف والواقدي إنّما رويا بأسانيد متصلة معينة هذه الحوادث ، ولا معوّل في العلم الحاصل عليهم ، بل على الشائع الواقع الذي لا يمكن تعيينه.
قلنا : مثل ذلك في الأصمعي وأبي زيد. ولو قيل لأحد انا (١) : عيّن على جهة يمكن وطريق ثقتك بأن في لغة العرب أن الحسام السيف ، لم يقدر على ذلك كما لا يقدر من قيل له : عيّن على جهة يمكن (٢) في البلدان والأمصار.
وقد بينا فيما سلف من الكلام على هذه الفصول أن تعذر تفصيل طريق العلم ، هو الامارة على قوته وعدم الريب فيه.
وبعد : فلو صرنا الى ما استضعف في خلال الفصل ، من أن تفسير القرآن والسنة ، قد يكون بما هو غير معلوم ولا مقطوع عليه أنه من اللغة ، لكنه مظنون لم يثمر ذلك فسادا ، لانه غير ممتنع أن نتعبد بقبول أخبار الآحاد ، واستعمال طريق
__________________
(١) ظ : لأحدنا.
(٢) ظ : يمكن العلم في.