من حاله أن يؤدي ما حمله من الرسالة ، لان إزاحة العلة كما أوجب الإرسال التعريف فهو موجب للعلم بأنه يؤدي.
ألا ترى أن بعثته لا يؤدي في ارتفاع إزاحة العلة ، كترك البعثة في تفويت العلم بالمسامح (١). وأيضا فإن إرسال من لا يؤدي عبث ، لان الغرض في البعثة الأداء والتعريف.
وانما نقول على المذهب الصحيح لا بدّ من أن يكون الرسول في الأداء يخصه على طريق التبع ، لان الغرض المقصود هو الأول. وانما أوجبنا شيئا يرجع الى الرسول ، لفساد أن يجب عليه ما لا وجد لوجوبه ، ولا يجوز أن يجب على زيد مصالح عمرو.
وإذا لم يتم الغرض المقصود في الإرسال كان عبثا ، ولا يجري ذلك مجرى تكليف الله تعالى من علم أنه يكفر ، لان الغرض في التكليف هو التعريض لاستحقاق الثواب ، لا الوصول اليه بالتكليف قد حصل الغرض. وليس كذلك تكليف النبوة ، لأن الفرض (٢) فيها هو اعلام المكلفين مصالحهم وما لا يتم تكليفهم الا به.
فان قيل : جوزوا أن يكون في معلومه تعالى أن كل من أرسله لا يؤدي ما حمله من التعريف الذي أشرتم إليه.
فإن قلتم : لا بد أن يكون في معلومة أن يؤدي. قيل : ومن أين أنه لا بدّ من ذلك؟ وما الدليل عليه؟
قلنا : يمتنع فرضا وتقديرا أن يكون في معلومه تعالى ، أن كل من بعثه لتعريف المصالح لا يؤدي عنه ، لكن ذلك من كان في المعلوم ، مضافا الى علمه
__________________
(١) ظ : بالمصالح.
(٢) ظ : الغرض.