الوجوب فلاحظ.
فنقول اذا ورد امر بشيء بعد الأمر به قبل امتثال الأمر الاول فتارة علق كل من الأمرين على سبب غير ما علق عليه الأمر الآخر كما لو قال ان بلت فتوضأ ، ثم قال ان نمت فتوضأ واخرى يعلق احدهما على سبب ولم يعلق الآخر على سبب كما لو قال ان بلت فتوضأ ثم قال : توضأ وثالثة يعلق كل واحد من الأمرين على سبب واحد كما لو قال ان بلت فتوضأ ثم قال ان بلت فتوضأ ورابعة لا يعلق شيء منهما على السبب كما لو قال توضأ ثم قال توضأ ، أما الصورة الاولى والثانية فيقع الكلام فيهما في بحث المفاهيم إن شاء الله.
وأما الصورة الثالثة والرابعة فقد وقع الكلام بين القوم في أن المستفاد من الأمر الثاني التأسيس أو المستفاد منه التأكيد للأمر الاول الذي يمكن أن يقال : ان المستفاد منه بحسب الفهم العرفي التأكيد والسر فيه ان المادة في الأمر الثاني لم يقيد بقيد فكلا الأمرين تعلقا بأصل الطبيعة ولازمه التأكيد ، وان شئت فقل : ان الظاهر من الأمر الثاني ان المطلوب فيه هو المطلوب من الأمر الاول فطبعا لا يكون إلّا تأكيدا له وان أبيت عن هذا التقريب وقلت ان الهيئة ظاهرة في التأسيس فلا وجه لرفع اليد عن ظهورها فيه ، قلت الهيئة ترد على المادة وتركبها فتكون المادة قرينة على كون المراد من الهيئة التأكيد كما ان الأمر كذلك في كل مورد يكون احد الأمرين قرينة على الآخر أو فقل يكون احد الظهورين معارضا ومزاحما للظهور الآخر وبالنتيجة يصير اللفظ مجملا والمرجع اصالة البراءة فعلى كلا التقريبين لا يكون الأمر الثاني تأسيسا.