واذا كان من القسم الثاني يكون العام ناسخا للخاص بحسب الظهور العرفي واذا فرض الشك ولم يعلم الحال تصل النوبة الى الأصل العملي ولا مجال لاستصحاب الحكم الخاص لمعارضته بعدم الجعل الزائد فالمرجع البراءة إلّا أن يكون الأمر دائرا بين المحذورين فيحكم العقل بكون الوظيفة التخيير.
بقى في المقام امران : احدهما : ان النسخ هل يكون جائزا ام لا؟ ربما يقال بعدم جوازه لأن رفع الحكم بعد ثبوته اما ناش من الجهل واما ناش عن عدم الحكمة وكلاهما غير معقول بالنسبة الى ساحته تعالى وتقدس بيان ذلك : ان بقاء الحكم واستمراره اما فيه الملاك واما ليس فيه الملاك ، أما على الاول فيلزم أن يكون باقيا فرفعه خلاف الحكمة مضافا الى أن جعله أولا مع علمه برفعه بعد حين لغو وأما على الثاني فيلزم كونه تعالى جاهلا تعالى الله عما يقولون.
وفيه : اولا ينقض بالعام الذي يخصص بالمخصص المنفصل فان الاشكال بعينه هو الاشكال والجواب هو الجواب وأما الجواب الحلي ان الحكم الواقعي مختص بزمان خاص كما ان وجوب الاكرام مثلا يختص بخصوص العدول لكن المصلحة تقتضي عدم البيان فلا يلزم الجهل ولا يلزم خلاف الحكمة.
ثانيهما : ان البداء ، هل يكون جائزا بالنسبة الى ذاته المقدسة أم لا؟ فان المعروف من مذهب الشيعة جواز البداء بالنسبة الى ذاته تعالى وربما يقال ان الالتزام بالبداء يستلزم الجهل بالنسبة اليه تعالى وتقدس.
والجواب عن هذه الشبهة ان جميع الأمور معلومة عند ذاته المقدسة والمعلوم عنده قسمان : قسم في اللوح المحفوظ ، وقسم في لوح المحو والاثبات والذي يكون في اللوح المحفوظ لا يتغير ولا يتبدل ، وأما القسم الثاني فهو قابل للتغير والتبدل والبداء في الحقيقة هو الابداء واظهار ما كان مستورا مثلا قد قدر أن يعمر زيد خمسين سنة بشرط عدم صلته لرحمه وأما اذا وصل رحمه يزيد في عمره ثلاثون سنة ، فمعنى البداء اظهار ما كان مجهولا ، وببيان واضح : كان المقدر أن يعمر خمسين ثم يبدو