وجوب وجوده فعلى الأول يدل على عدم امكان غير ذاته سبحانه ووجود ذاته المقدسة لأن امكان ذاته مساوق لوجوده ، وأما على الثاني فأيضا يدل على المطلوب اذ عدم وجود غير ذاته المقدسة دليل على الامتناع فلاحظ.
ثم الظاهر ان دلالة (الا) على الحصر ليس بالمفهوم فان الدلالة المفهومية متقومة بكون الموضوع واحدا في المنطوق والمفهوم ، غاية الأمر ان دلالة الكلام على ثبوت المحمول للموضوع على تقدير ثبوت المعلق عليه بالمطابقة ودلالة الكلام على نفي المحمول عن الموضوع عند انتفاء المعلق عليه بالالتزام وفي المقام الأمر ليس كذلك اذ فى قولنا «جاء القوم الا زيدا» يكون الموضوع في احد الخبرين لفظ القوم وفي الخبر الآخر لفظ زيد ، فالحق ان دلالة (الا) على الحصر تكون بالمنطوق لا بالمفهوم.
ومن أداة الحصر كلمة انما وهذه الكلمة قد تستعمل ويراد منها قصر الصفة في الموصوف كما لو قال «انما القدرة لله تعالى» فان المراد من الجملة ان القدرة منحصرة في الله تعالى وان غيرها مستند الى قدرته وقد تستعمل ويراد قصر الموصوف في الصفة كما لو قال احد «انما زيد عابد» والظاهر ان استعمالها في قصر الموصوف في الصفة يكون على المبالغة كالمثال المتقدم اذ لا اشكال في أن صفة الشخص لا تنحصر بالعبادة والظاهر ان استعمالها في حصر الصفة في الموصوف قد يكون على المبالغة كما لو قال احد «الفقيه الشيخ الانصاري» او لو قيل «السخي حاتم» فانه لا اشكال في عدم انحصار الفقه في الشيخ وعدم انحصار السخاوة في حاتم ، ومن موارد استعمال هذه الكلمة في حصر الصفة في الموصوف بلا مبالغة قوله تعالى (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا) الخ (١).
فان هذه الآية الشريفة واردة في شأن مولى الموحدين امير المؤمنين عليهالسلام ،
__________________
(١) المائدة / ٥٥