الفصل الاول : لا اشكال فى ان مفهوم العام من المفاهيم الظاهرة الواضحة عند الكل ولا حاجة الى تحقيق معناه وتعريفه حدا ورسما اذ ليس غرض للاصولي في معرفة حده ورسمه بل يكفى الاشارة اليه بأي نحو ممكن وربما يتوهم أنه يلزم معرفة العام وأقسامه وتحقيق كل واحد منها كى يقدم فيما يكون مقتضى الجمع العرفي تقديمه على غيره ، ولكن التوهم المذكور غير تام لأن الميزان في تقديم أحد الدليلين على الدليل الآخر كونه قرينة عرفية وكونه حاكما وشارحا للدليل الآخر ولذا نرى أنه يقدم المطلق الذي يحرز اطلاقه بمقدمات الحكمة على الوضع كما في قول القائل «رأيت اسدا يرمى» فانه يستفاد من هذه الجملة ان المرئي كان رجلا شجاعا يرمي بالسهام مع ان استفادة الرمي بالسهام من الاطلاق واستفادة الحيوان المفترس من لفظ الاسد بالوضع لكن العرف يرى قول القائل يرمي قرينة على كون المراد من لفظ الاسد الرجل الشجاع.
ثم ان العموم ينقسم الى الاستغراقى والمجموعي والبدلي ومنشأ انقسامه الى هذه الأقسام اختلاف الاغراض اذ ربما يتعلق الغرض بكل فرد من الأفراد بحيث يكون كل فرد على حياله واستقلاله مورد الغرض ويرتبط أحد الأفراد بالآخر كما لو تعلق غرض المولى باكرام كل عالم فيأمر عبده أن يكرم كل أحد من العلماء فيقول لعبده اكرم العلماء فيكون لاكرام كل واحد من العلماء وجوب خاص به وله اطاعة وعصيان وقد يتعلق الغرض باكرام مجموع العلماء بحيث يكون اكرام الجميع واجبا واحدا فلو اكرم العبد جميع العلماء الا واحدا منهم لا يحصل غرض المولى ولا يحصل الامتثال وقد يتعلق الغرض باكرام واحد منهم فيأمر عبده باكرام واحد منهم أو يأمر بعتق عبد واحد ويتحقق الامتثال باكرام واحد من العلماء