يقع الكلام في الوضع من جهات :
الجهة الاولى : في أنه لا اشكال في أن دلالة الالفاظ الموضوعة على معانيها دلالة جعلية لا دلالة ذاتية ولو كانت ذاتية لكان اللازم أن يعرف كل واحد من الأفراد جميع اللغات اذ الدلالة الذاتية لا فرق فيها بين الأفراد والحال ان الأمر ليس كذلك.
ان قلت لا بد من وجود خصوصية بين كل لفظ ومعناه وإلّا يلزم الترجيح بلا مرجح.
قلت اولا : المحال الترجح بلا مرجح أي المعلول بلا علة وأما الترجيح بلا مرجح فليس محالا وإلّا يلزم أن يبقى العطشان عطشانا الى أن يموت ولا يختار احد مصاديق الماء للشرب اذا لم يكن مرجح في بعض الأفراد على الآخر وهذا من الاباطيل.
وثانيا : ان المرجح لا يلزم أن يكون امرا ذاتيا ومناسبة ذاتية بين اللفظ والمعنى وإلّا كان اللازم أن يختار كل واضع اللفظ الذي اختاره الآخر فيكون اللغة واحدة في جميع انحاء العالم وبطلانه أوضح من أن يخفى.
فيمكن ان يكون المرجح امرا آخر ويختلف باختلاف الاشخاص كما نرى انه كذلك. فربما يختار شخص لفظا ويضعه للمعنى الفلاني تبركا كما هو ديدن الشيعة في اختيار اسماء المعصومين (ع) لأن يتقربوا بهذه الوسيلة الى ساحتهم المقدسة وارواحنا فداهم.
وقس عليه بقية الاغراض والدواعي المختلفة باختلاف الأديان وغيرها فانقدح ان الارتباط الحاصل بين الالفاظ الموضوعة ومعانيها ليس ربطا ذاتيا بل يكون جعليا.