ثالثها : الجواز عقلا والامتناع عرفا.
وعنوان البحث يوهم امكان اجتماع الأمر والنهى في شيء واحد والحال ان التنافي بين الأمر والنهي وامتناع اجتماعهما من الواضحات ، وانما الكلام في أن تعدد العنوان هل يوجب عدم تسرية الحكم من متعلق احدهما الى متعلق الآخر أم لا؟ وبعبارة واضحة : لو تعلق النهي بطبيعة وتعلق الأمر بطبيعة اخرى هل يسري احدهما الى متعلق الآخر ام لا؟ فذهب بعض الى الجواز بدعوى ان تعدد العنوان يكفي في عدم السراية ولو كان المعنون واحدا وذهب آخر الى عدم الجواز بتقريب ان احد الحكمين يسري الى متعلق الآخر فلا يجوز اجتماع الأمر والنهي ، وقال ثالث انه يجوز عقلا ويمتنع عرفا بتقريب ان متعلق احدهما غير متعلق الآخر فيجوز وأما العرف فحيث يرى عدم انفكاك احدهما عن الآخر لا يجوزه ولا يخفى انه ليس للعرف في هذا الباب سبيل فان البحث عقلي فلو جوزه العقل لا أثر لحكم العرف بالامتناع كما انه لو أدرك العقل امتناعه لا سبيل الى حكم العرف بالجواز.
وصفوة القول : ان البحث في المقام بحث عقلي صرف وهو ان الوجود الواحد اذا تعدد عنوانه هل يمكن تعلق الأمر باحد عنوانيه وتعلق النهي بعنوانه الآخر وببيان أوضح : هل يكون تعدد العنوان موجبا ومؤثرا لارتفاع غائلة اجتماع الضدين أم لا؟ وعليه لا يكون مجال لحكم العرف بالجواز أو الامتناع فان العرف محكم في باب استفادة المفاهيم من الألفاظ والمقام اجنبي عن ذلك الباب فلا تغفل.
وقال صاحب الكفاية : قبل الخوض في المقصود تقدم أمور : الاول : ان المراد من الواحد في محل الكلام مطلق ما كان ذا عنوانين بأحدهما يكون موردا للأمر وبالآخر يكون موردا للنهي وان كان كليا قابلا للشمول بأن يكون قابلا للانطباق على كثيرين كالصلاة في الدار المغصوبة فان الصلاة بهذه الصفة أمر كلي