بالنهي ، فيعلم ان الغرض والمقصد من النهي الزجر عن جميع الأفراد.
الجهة الثامنة : في أن صيغة الأمر هل تقتضي الفور أو التراخي أو لا تقتضي شيئا من الأمرين الحق أن يقال : ان الصيغة لا تقتضي الفور ولا التراخى فان صيغة الأمر مركبة من المادة والهيئة ، أما المادة فهي موضوعة للطبيعة بلا تقيدها بقيد من القيود كما سبق ، وأما الهيئة فتدل على أن المولى في مقام بيان ابراز اعتباره النفساني وهو اعتبار الفعل في ذمة المكلف فلا مقتضي لأحد الأمرين بل مقتضى الاطلاق اللفظي ان تمت مقدمات الحكمة عدم تقيد المطلوب بشيء من الأمرين فان مقتضى الاطلاق عدم تقيد الواجب بالفورية كما ان مقتضاه عدم دلالة الصيغة على وجوب التراخي ولا على جوازه ، كما ان مقتضى الأصل العملي البراءة عن القيد الزائد هذا بالنسبة الى ما هو المستفاد من الصيغة مادة وهيئة.
وربما يستفاد من الدليل الخارجي وجوب الفور والذي ذكروا في مقام الاستدلال آيتان ، الاولى قوله تعالى («فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ)(١) بتقريب ان الوصول الى الخيرات بالاستباق الى اسبابها فيجب الاستباق الى الواجبات ويمكن أن يراد من الخيرات الأفعال والأمور الخيرية في مقابل الأفعال التي لا تكون خيرا ، فعلى كلا التقديرين يكون الاستباق الى الواجبات واجبا وهذا هو المطلوب وتكون النتيجة ان الفور واجب ، فلو عصى في الزمان الاول يجب الفور في الزمان الثاني وهكذا اذ يصدق عنوان الخير على الواجب فيجب الاستباق اليه.
ويرد عليه : اولا ان الاستباق بمعنى المسابقة أي تجب المسابقة على المكلفين في الأمور الخيرية فتكون الآية اجنبية عن المقام فان الكلام في وجوب الفور والبدار لا في وجوب السبقة الى بقية المكلفين فلا ترتبط الآية بها نحن بصدده.
وثانيا : يلزم تخصيص الأكثر المستهجن اذ جميع الافعال المستحبة خارجة
__________________
(١) البقرة / ١٤٨ والمائدة / ٤٨