وأما المورد الثاني وهو صورة الجهل بالغصب فتصح الصلاة اذ المفروض ان التركيب انضمامي ومن ناحية اخرى مع الجهل بالحرمة لا يكون النهي منجزا على المكلف ، فلو صلى في الدار المغصوبة مع الجهل بالحرمة تكون صلاته صحيحة هذا في صورة الجهل.
وأما في صورة النسيان فالأمر اوضح اذ مع النسيان لا يكون الحكم محفوظا حتى في الواقع لعدم ترتب أثر عليه فوجوده يكون لغوا.
وبعد بيان المقدمات المذكورة ، نقول : قد ذكر صاحب الكفاية لاثبات الامتناع امورا ، لا بد من ملاحظة كل واحد منها.
الأمر الأول : ان الاحكام الخمسة متضادة ضرورة المعاندة التامة بين البعث نحو شيء والزجر عنه في ذلك الزمان هذا بعد وصول كلا الحكمين الى مرتبة البعث الفعلى والزجر الفعلي وان لم يكن معاندة بينهما ما لم يبلغا الى المرتبة الفعلية وببيان واضح : التضاد بين الاحكام الفعلية ولا تضاد بين الاحكام الانشائية.
ويرد عليه اولا : انه لا تضاد ولا تعاند بين الأحكام بوجه ، فان باب الأحكام الشرعية باب الاعتبارات والاعتبار خفيف المئونة ، والتضاد من خصائص الامور الواقعية والاعراض الخارجية ، كالتضاد بين البياض والسواد.
وثانيا : ان ما افاده من التفكيك بين الحكم الانشائي والحكم الفعلي لا محصل له فان للحكم مرتبتين ، الاولى الفعلية ، الثانية التنجز ، والحكم بعد ما وصل الى المرحلة الفعلية ينشأ بمبرز من قول أو فعل فلا تضاد بين الأحكام في مرحلة من المراحل ، نعم المعاندة بين الأحكام موجودة في موردين :
احدهما : في المبدأ ، ثانيهما : في المنتهى ، أما في المبدأ فلأنه لا يمكن أن يكون شيء واحد محبوبا ومبغوضا كما انه لا يمكن أن يكون محبوبا ولا يكون محبوبا وهكذا ، فان اجتماع الحب والبغض من شخص واحد بالنسبة الى شيء