وثالثا : ان المولى لو كان في مقام البيان ولم ينصب قرينة على التقييد يكون مرجعه الى عدم الفرق بين الأفراد وبعبارة اخرى : الاطلاق رفض القيود ومعناه سريان الحكم الى تمام الأفراد وببيان واضح : الحكم مترتب على الطبيعة بنحو اللابشرط ومقتضاه تحقق الامتثال بكل فرد من الأفراد ولذا نقول انطباق المأمور به على المأتي به قهري والاجزاء عقلي فلاحظ.
الدليل الثالث : ان تحقق الاطلاق البدلي يتوقف على عدم شمول الاطلاق الشمولي لمورد التصادق وعدم شموله له يتوقف على الاطلاق البدلي وهذا دور والدور باطل ويرد عليه اولا انه يمكن أن يعكس التقريب المذكور بأن نقول شمول الاطلاق الشمولي لمورد التصادق يتوقف على عدم تناول الاطلاق البدلي لذلك المورد وعدم تناوله له يتوقف على شمول الاطلاق الشمولي وهذا دور.
وثانيا : انه قد ظهر مما تقدم عدم تقدم احدهما على الآخر وعدم مرجح في كلا الطرفين فالنتيجة المعارضة والتساقط فالوجه الاول لاثبات تقديم الاطلاق الشمولي على الاطلاق البدلي غير قابل لاثبات المدعى.
الوجه الثاني : ان الحرمة تابعة للمفسدة في المتعلق والوجوب تابع للمصلحة الموجودة فيه هذا من ناحية ومن ناحية اخرى انه قد قرر عندهم ان دفع الضرر أولى من جلب المنفعة عند الدوران بين الأمرين فيقدم جانب النهي بهذا التقريب.
ويرد عليه : اولا ان هذه القاعدة على فرض تماميتها لا تنطبق على المقام فان هذه القاعدة على القول بها تجري فيما لو دار الأمر بين ارتكاب فعل فيه منفعة وارتكاب فعل فيه مضرة ولا يمكن للمكلف ارتكاب الاول والاجتناب عن الثاني وبعبارة اخرى : يقع التزاحم بين المضرة والمنفعة والمقام ليس كذلك بل الأمر دائر بين الحرمة والوجوب وبعبارة واضحة : الفعل اما واجب واما حرام فالمقام داخل في باب التعارض لا في باب التزاحم فلا يرتبط مقامنا بذلك الباب.