القسم الأول مما ينتهي إلى مادة قريبة من الإحساس يفيد العلم والاعتقاد فيتّبع ، وما كان من قبيل القسم الثاني مما ينتهي إلى موادّ بعيدة من الاحساس وتحصل فيه كثرة الخطأ فلا يحصل منه علم ولا اعتقاد ، كما نجد ذلك في أنفسنا من مراجعة ما حقّقوه في جلّ مسائل المعقول في جميع فنونه وإن لم نقدر على ردّ أكثر ما أقاموه برهانا على مذاهبهم المختلفة ، ومع ذلك لا نجزم بنتائجها ، وعلى هذا التوجيه فالنزاع بيننا وبين المحدّث بحسب المعنى في أمر يسير أو منفيّ بالمرة.
قوله : قلت : إنّما نشأ ذلك من ضمّ مقدمة عقلية باطلة بالمقدمة النقلية (١).
(١) ليت شعري أيّ مقدمة عقلية صحيحة أو باطلة يتمسّك بها الأصوليون في الشرعيات لا يحتاج إليها المحدّث في الفقه ويتمسّك في تلك المقدمة بالسماع عن الصادقين (عليهمالسلام) ويعصم عن الخطأ ، وكيف ذلك ونحن نرى مصنّفات أصحابنا الأخباريين في الفقه على طريقة غيرهم مع الاختلافات الواقعة بينهم كالاختلاف الواقع بين غيرهم.
نعم ، هم خالفونا في علم الأصول في بعض موارد البراءة تمسكا بأخبار الاحتياط ، وفي حجّية ظواهر الكتاب تمسكا ببعض الأخبار أيضا المعارض بمثله أو أرجح منه ، وفي حجّية حكم العقل تمسكا ببعض الأخبار التي سيأتي في الدليل الثاني في مسألتنا هذه ، والظاهر أنّ نظر المحدّث وغيره من أصحابه إلى ذلك في طرح حكم العقل والتمسك بكلام الصادقين (عليهمالسلام) والجواب عن كل واحد منها مذكور في بابه مستوفى في كتب أصحابنا ، وسيأتي
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٥٣.