والجواب : أنّ المراد من الوجه المعتبر عند من اعتبره غير هذا المعنى الذي يجامع الاحتياط على ما ذكر ، لأنّ مرادهم على ما يستفاد من كلامهم أنّ كلّ عمل يوجد في الخارج يشترط في صحّته قصد وجه ذلك العمل مقارنا له. مثلا لو تردد الواجب بين الظهر والجمعة فلا يمكن إتيان الظهر أوّلا لوجوبه الواقعي ولا إتيان الجمعة ثانيا لوجوبه الواقعي ، لعدم العلم بالوجه في واحد من الفعلين.
وبعبارة أخرى : لو سئل في حال اشتغاله بالظهر لم تفعل هذا الفعل فلا يمكنه الجواب بقوله أفعله لوجوبه ، وكذا لو سئل في حال اشتغاله بالجمعة عن علّة هذا الفعل لما أمكنه أن يجيب بأنّي أفعله لوجوبه ، نعم يمكنه أن يقول : أفعل ذينك الفعلين لوجوب واجب موجود في البين لا أعرفه بشخصه ، فإن أراد من يعتبر قصد الوجه أنّ الواجب الواقعي يجب أن يكون مقصودا لوجوبه كيف ما اتفق ولو لم يكن مقصودا بهذا الوجه حين الفعل معيّنا ، كان له وجه إن ساعده دليله ، والله العالم.
قوله : وأما لو توقّف الاحتياط على التكرار ففي جواز الأخذ به وترك تحصيل الظنّ بتعيين المكلف به أو عدم الجواز وجهان ـ إلى قوله ـ : مع إمكان أن يقال (١).
(١) يظهر من كلامه هذا من أوّله إلى آخره اختيار جواز العمل بالاحتياط في صور دوران الأمر بينه وبين العمل بالظنّ الخاص أو المطلق ، لكن بضرب من التردّد في صورة التكرار نظرا إلى السيرة المستمرة ، ثم اختياره الجواز في آخره ، غاية الأمر أنّه جعل الاحتياط في ترك العمل بالاحتياط نظرا إلى شبهة
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٧٣ ـ ٧٥.