نعم ، ربّما نشكّ في سقوط الغرض بالإتيان بما وصل إلينا من أجزاء المأمور به وشرائطه من جهة اختفاء بعض الأدلة أو القرائن ، وهذا هو الذي فرضه المصنف (رحمهالله) وبنى المسألة عليه هنا ، ومحصّل كلامه أنّه بعد القطع بأنّ للشارع غرضا في أوامره التعبدية ، ولا نعلم ذلك الغرض بجميع خصوصياته بل نتردد في أنّه مجرّد التعبّد بالمأمور به بأيّ وجه حصل أو التعبّد به بوصف كونه متميّزا عن غيره أو بوصف كونه مقرونا بقصد الوجه ، لو شككنا في هذا الوصف أيضا ولم نجزم بعدم اعتباره فأصالة الاشتغال بتحصيل الغرض الذي نعلم بثبوت التكليف به قاضية بعدم سقوط الغرض إلّا بإتيان كلّ ما يحتمل مدخليّته في سقوط الغرض ، فلا جرم يتعيّن العمل بالظنّ في فرض المسألة حتى يتعبّد بالمأمور به متميّزا مع قصده وجهه لكي يحصل العلم بسقوط الغرض الداعي للأمر.
وقد ظهر بهذا البيان أنّه لا فرق بين كون الشك في سقوط الغرض من جهة الشك في مدخلية شيء في المأمور به من جزء أو شرط ، أو من جهة الشكّ في مدخلية شيء في كيفية الامتثال ، في أنّ الأصل عدم سقوط الغرض إلّا بإتيان المأمور به بجميع الأمور المشكوكة ، لكن المصنف يزعم أنّ أصالة الإطلاق في دليل تلك العبادة لو كان هناك إطلاق ، وكذا أصالة البراءة لو لم يكن هناك إطلاق يرفعان الشكّ إن كان لأجل احتمال مدخليّة شيء في المأمور به جزءاً أو شرطا كما حقّقه في رسالة أصل البراءة ، ويبقى ما كان الشكّ في سقوط الغرض لاحتمال مدخليّة شيء في كيفية الامتثال على الأصل أي أصالة الاشتغال بوجوب تحصيل الغرض ، ويدعي أن الشك فيما نحن فيه لأجل اعتبار التميّز أو قصد الوجه من قبيل الثاني لا الأول ، وسنذكر ما استدلّ به على ذلك مع جوابه ، ثمّ يدّعي أنّ أصالة البراءة وأصالة الإطلاق لا تجريان في الشكّ في كيفية