الامتثال ، إذ ليس ذلك شكا في التكليف ولا في المكلّف به.
وفيه : نظر ، إذ كما أنّ العقل يحكم بقبح العقاب على ما لم يصل إلينا بيانه ممّا يعتبر في أصل التكليف كذلك يحكم بقبح العقاب على ما لم يصل بيانه مما يعتبر في طريق الامتثال ، سواء كان اعتباره في الطريق بجعل الشرع أو كان معتبرا في الطريق واقعا عقلا ولكن لا تدركه عقولنا ، فإنّ بيان ذلك أيضا كأصل التكليف من وظيفة الشارع جزما ، وحيث لا بيان يحكم العقل بالبراءة قطعا لو قلنا بذلك في أصل التكليف. وبالجملة لا نجد فرقا بينهما في حكم العقل بالمرّة.
وكذا لا فرق بينهما في البراءة الشرعية الثابتة بمثل «كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي» (١) كما لا يخفى ، وكما أنّ الشك في جزئية شيء أو شرطيته للمأمور به يرتفع بإطلاق الأمر من حيث المادة كذلك الشكّ في اعتبار شيء في طريق الامتثال يرتفع بإطلاق الهيئة ، مثلا إذا أمر بقوله : صلّ ومعناه أوجد الصلاة ، فكلّ ما شكّ في اعتباره في الصلاة من جزء أو شرط يدفع بإطلاق الصلاة المستفاد من مادة الأمر ، وكلّ ما شكّ في اعتباره في كيفية الإيجاد يدفع بإطلاق أوجد المستفاد من هيئة الأمر ، هذا كلّه على تقدير تسليم أنّ قصد الوجه والتميّز ونحوهما مما هو من كيفيّات النية كأصل النية لا يمكن اعتبارها في المأمور به فيجب أن تكون معتبرة في طريق الامتثال على ما اختاره المصنف وقد أشار إليه هنا أيضا في :
__________________
(١) الوسائل ٢٧ : أبواب صفات القاضي ب ١٢ ح ٦٧.