قوله : وهذا ليس تقييدا في دليل تلك العبادة حتى يرفع (يدفع) بإطلاقه كما لا يخفى (١).
(١) استدلّ لهذه الدعوى بوجهين يحكى أحدهما عن المصنف (قدسسره) والآخر عن بعض الأساطين من أتباعه.
أما المحكيّ عن المصنف (رحمهالله) هو لزوم الدور على تقدير اعتبار الأمور المذكورة في المأمور به بتقريب أنّ النيّة بمعنى قصد الأمر متوقّف على وجود الأمر بالضرورة ، ووجود الأمر متوقّف على قصد الأمر الذي هو من أجزاء المأمور به ، ضرورة توقّف الحكم على موضوعه والعرض على معروضه.
والجواب : أنّ طرفي الدور مختلف ، لأنّ قصد الأمر الذي يتوقّف عليه الأمر باعتبار وجوده الذهني لا الخارجي ، والذي يتوقّف على الأمر هو باعتبار وجوده الخارجي لا الذهني ، ولعلّ هذا من الواضحات.
وقد يقال : إنّ توقّف قصد الأمر باعتبار وجوده الخارجي على الأمر كاف في عدم جواز اعتباره في المأمور به بملاحظة أنّه يجب أن يكون المأمور به بنفسه مقدورا للمكلّف ، وما اعتبر فيه قصد الأمر جزءاً أو شرطا غير مقدور في نفسه بدون الأمر للمكلّف حتى يتعلّق به الأمر.
ويجاب بأن القدرة المعتبرة في صحّة التكليف هي القدرة حين العمل لا حين الأمر على ما صرّحوا به ، والمكلّف هنا حين العمل يمكنه قصد الأمر باعتبار تقدّم صدور الأمر ، غاية الأمر أنّ صدور هذا الأمر سبب لحصول القدرة للمكلّف على المكلّف به بحيث لو لم يكن هذا الأمر لم يقدر المكلّف على قصد
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٧٥.