الأصول الثلاثة الأخر ، والظاهر بل المتعيّن أنّه ما أراد هذا ، وإن أريد ملاحظة المكلّف ـ بالكسر ـ وتوجيهه أنّ الشارع لاحظ الحالة السابقة مع جميع ما يعتبر في صحّة جريان الاستصحاب من بقاء الموضوع وكون الشكّ في الرافع لا في المقتضي وكون الحكم متيقّنا في السابق إلى غير ذلك ، وهذا مجرى الاستصحاب ، فهو صحيح لكن ما ذكره في رسالة أصل البراءة عقيب وجه الحصر من أنّ موارد الأصول قد تتداخل إلى آخره فاسد ، لأنّ موارد الاستصحاب على هذا التوجيه ممتازة عن موارد الأصول الثلاثة بكلّ وجه فأين مورد التداخل ، بل يظهر من المصنّف في مواضع عديدة من الكتاب أنّ الأصول الأربعة مختلفة المورد لا يجري اثنان منها في مورد واحد ، سواء كانا متوافقين في الحكم أم متخالفين ، فجريان أحد الأصول مانع عن جريان الباقي فكيف يتصوّر تداخل الموارد ، نعم على ما اخترناه في محلّه من صحّة إجراء الأصلين في مورد واحد إذا كانا متوافقين كما إذا شكّ في وجوب شيء وقد كان عدم وجوبه متيقنا في السابق يتداخل مورد الأصلين أصالة البراءة والاستصحاب ، ونحكم بجريانهما معا.
قوله : فالأوّل مجرى الاستصحاب (١).
(١) مقتضى ما ذكره من التقسيم والحصر كون مجرى الاستصحاب أوسع دائرة من الأصول الثلاثة الأخر ، يشمل ما لم يمكن الاحتياط فيه مما هو مورد التخيير في القسم الآتي كدوران حكم شيء بين الوجوب والحرمة مع كونه متيقّن الوجوب في السابق ، وكالشبهة المحصورة إذا كان أحد الطرفين معلوم الحرمة سابقا ، وكذا يشمل ما أمكن فيه الاحتياط وكان شكّا في التكليف
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٢٥.