قلت : نعم ولكن يرد عليه ـ على هذا ـ إيراد آخر وهو عدم انحصار موارد الشك في التكليف في كونها مجرى للبراءة ، إذ ما مرّ من المثال من الشكّ في كون أحد الشيئين واجبا أو الآخر حراما مورد الاحتياط (١).
ومنها : الشكّ في التكليف والمكلّف به معا كالمثال المذكور آنفا ، وكالشك في كون أحد الشيئين واجبا فإنّه خارج عن القسمين ، لما مرّ من ظهور القضيّة المنفصلة في الحقيقيّة لا مانعة الخلوّ.
ثم اعلم أنّ ما ذكرنا من منع كون حصر موارد الأصول عقليا بالنقض بالموارد المذكورة إنّما يرد على عبارته المذكورة في المتن ، أمّا على ما كتبه في الهامش كما في بعض النسخ من قوله وبعبارة أخرى إلى آخره فلا يرد شيء منها ، لأنّه ردّد بين الإثبات والنفي في جميع الأقسام ، وكذا على ما ذكر في بيان الحصر في رسالة أصل البراءة مع تغاير في البيان لما هنا ، ولعلّه السرّ في إضافة ما في الحاشية على المتن ، مضافا إلى الأمور الآتية ، لكن يبقى الكلام في صحّة تعيين مجاري الأصول على ما في الحاشية مطابقا لمذهبه ، وفيه تأمّل فتأمّل.
قوله : لأنّ الشكّ إمّا أن يلاحظ فيه الحالة السابقة (٢)
(١) إن أريد ملاحظة المكلّف ـ بالفتح ـ فيه الحالة السابقة وعدمه ، ففيه أنّ تشخّص موارد الأصول وتعيّنه ليس باختيار المكلّف حتى يكون في صورة ملاحظته الحالة السابقة موردا للاستصحاب وفي صورة عدم ملاحظته مورد
__________________
(١) أقول : والأولى أن يورد عليه هكذا إنّ المثال المذكور هل يجعل من موارد البراءة لأجل الشكّ في نوع التكليف أو من موارد الاحتياط للشك في المكلّف به أيضا بالفرض أو يجعل موردا لهما ، والأوّلان ينافي حصر موارد البراءة والاحتياط في الشك في التكليف والمكلّف به ، والثالث يستلزم التناقض.
(٢) فرائد الأصول ١ : ٢٥.