إنّ صور اجتماع مجاري الأصول الأربعة بعضها مع بعض ثنائيا ستة : اجتماع مجرى الاستصحاب مع كل واحد من مجاري الأصول الثلاثة الباقية ، واجتماع مجرى التخيير مع كل من مجريي البراءة والاحتياط ، واجتماع مجرى البراءة والاحتياط ، ومرادنا بجواز اجتماع مجرى الأصلين جريانهما فعلا بحيث يترتب عليه حكم العمل ، لا مجرّد جريانهما وإن حصل التعارض ويقدّم أحدهما ويكون الحكم على طبقه فعلا ، فعلى هذا لا يمكن اجتماع مجرى الأصلين إذا كانا متخالفين في المؤدّى في جميع الصور الستّة ، وأما إذا فرض موافقة مؤدّاهما فمذهب المصنّف عدم جواز الاجتماع أيضا كما أشير إليه سابقا.
والحق جواز الاجتماع في ثلاث من الصور الستّة وعدم الجواز في ثلاث منها.
أما صور جواز الاجتماع :
أحدها : اجتماع الاستصحاب والبراءة كما لو شكّ في وجوب شيء ابتداء ، فقاعدة قبح العقاب بلا بيان المسمّاة بالبراءة الأصلية جارية مع استصحاب البراءة الثابتة قبل التكليف ، وما يدّعيه المصنف من الحكومة ممنوع ، وبيانه موكول إلى محلّه.
ثانيها : اجتماع مجرى الاستصحاب والاحتياط كما إذا علم بوجوب أحد الشيئين وكانا معا واجبين في السابق وارتفع وجوب أحدهما ، فإنّه يجب إتيانهما بمقتضى قاعدة الاحتياط وبمقتضى الاستصحاب أيضا. ودعوى عدم جريان استصحاب وجوب كلا الأمرين لمخالفته للعلم الإجمالي برفع وجوب أحدهما ، مدفوعة بما سيجيء من عدم تأثير مثل هذا العلم الإجمالي الذي لا