منافاة بينهما وإن اتّحدا في بعض مصاديقهما على ما حرّر في جواز اجتماع الأمر والنهي ، إلّا أن يقال : إنّ ما يصحّ القول بجوازه من اجتماع الأمر والنهي إنّما هو في مورد يكون الاجتماع بسوء اختيار المكلف.
وبعبارة أخرى أن تكون له مندوحة عنه ، وما نحن فيه ليس كذلك ، بل يكون الاجتماع امريا لا مأموريا ، فالوجه هو الوجه الأول ، فتدبّر.
قوله : والأولى أن يقال إنّه إن أراد امتناع التعبّد بالخبر في المسألة التي انسدّ فيها باب العلم (١).
(١) لعل وجه الأولوية أنّ الجواب المذكور في السابق ناظر إلى التناقض كما حرّرناه ، والظاهر من الدليل أن يكون ابن قبة ناظرا إلى محذور القبح من نقض الغرض والأمر بذي المفسدة.
ومحصّل الجواب عنه : أنّه إن أريد امتناع التعبّد بالخبر في حال الانسداد وأنّه قبيح يمتنع صدوره عن الحكيم ، ففيه أنّ تحليل الحرام وعكسه في هذا الفرض لازم من غير جهة التعبّد بالخبر ، إذ على تقدير عدم التعبّد بالخبر مع فرض بقاء التكليف لم يكن للمكلّف مناص إلّا إلى العمل بالظنّ الذي قد لا يصادف الواقع ويلزم تحليل الحرام أو عكسه ، ولا يزيد في التعبّد بالخبر على ما كان شيء من تحليل الحرام ، بل قد يجب التعبّد بظنّ خاصّ كخبر الواحد مثلا فيما لو علم الشارع أنّ الظنّ الحاصل من الخبر أغلب مصادفة للواقع من الظنون التي يستعمله المكلّف في نفسه ، وإن أريد امتناع التعبّد بالخبر في حال الانفتاح ، ففيه أنّه يمكن أن يفرض له مصلحة يخرجه عن القبح على الوجهين المذكورين في المتن.
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ١٠٧.