من جهة احتمال خطأ المتكلّم في تأدية مراده أو احتمال أنّ المتكلم أظهر خلاف مراده لمصلحة كالتقية أو اعتمد على البيان المتأخّر عن زمان الخطاب إلى وقت الحاجة لمصلحة لو جوّزناه أو نحو ذلك ، والمصنف اقتصر على القسم الأول ولا وجه له ، ومرجع القسم الأول إلى احتمال إرادة خلاف الظاهر من اللفظ اعتمادا على القرينة ، ومرجع القسم الثاني إلى احتمال كون المراد الواقعي غير الظاهر وإن كان المراد من اللفظ هو الظاهر.
قوله : ومرجع الكل إلى أصالة عدم القرينة الصارفة (١).
(١) قد عرفت أنّ ذلك مرجع القسم الأول من القسمين اللذين ذكرناهما ، وأما مرجع القسم الثاني إلى أصالة عدم وجود مصلحة تأخير البيان أو مصلحة إراءة خلاف مراده الواقعي أو أصالة عدم خطأ المتكلم ، لكن احتمال الخطأ مرفوع عن ألفاظ الكتاب والسنة ولا ضير ، لأنّ حجية هذه الظنون غير مختصّة بألفاظ الكتاب والسنة ، مع أنّ احتمال الخطأ يأتي في ألفاظ السنة أيضا بسبب احتمال خطأ الراوي في تأدية مراده مما فهمه من كلام المعصوم (عليهالسلام) بناء على جواز النقل بالمعنى كما هو الحق.
وقيل : إنّ وجه إهمال المصنف للقسم الثاني أنّ الظنون المعمولة فيه ليست مستندة إلى اللفظ بل هي من الظواهر المقامية ، فإنّ الظاهر من حال المتكلم أنّه بصدد إراءة القضية النفس الأمرية.
وفيه : أنّ القسم الأول أيضا كذلك ، فإنّ انفهام كون الظاهر مراد المتكلّم من اللفظ أيضا من جهة ظاهر حال المتكلم العاقل الملتفت وليس مدلولا للفظ ، فإذا أمكن إسناده إلى اللفظ مسامحة أمكن إسناد القسم الثاني أيضا إلى اللفظ
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ١٣٥.