الرابع : حجيتها مشروطة بعدم اقتران الكلام بما يصلح أن يكون صارفا عن المعنى الحقيقي.
الخامس : حجيتها ما لم يحصل احتمال إرادة خلاف مقتضى اللفظ من أمارة معتبرة.
وهناك وجه سادس هو أقرب بالاعتبار من التفاصيل الأربعة المتقدمة ، وهو القول بالتفصيل بين الظهور الناشئ من الوضع فيعتبر مطلقا ، وبين الظهور الناشئ من غير الوضع كانصراف المطلق إلى الأفراد الشائعة ، وظهور الأمر الواقع عقيب الحظر في الإباحة ، وظهور اللفظ المشترك فيما اشتهر من معانيه وأمثال ذلك ، فيعتبر هنا عدم الظن على الخلاف أو الظنّ على الوفاق.
وتحقيق المقام أن يقال : إنّ دليل حجية الظواهر منحصر في الإجماع والسيرة وبناء العقلاء ، ولمّا كان الإجماع والسيرة من الأدلة اللبّية ولا يستفاد منهما عموم أو إطلاق بمثل الأدلة اللفظية ، لا جرم يقتصر فيهما على القدر المتيقّن ، فكلّ ما شك فيه باعتبار التفاصيل الأربعة بل الخمسة لا يحكم بحجية الظواهر فيه ، إلّا أن يدّعى كما ادّعى المصنف عدم حصول الشكّ للفقيه في حجيتها مطلقا بعد ملاحظة الإجماع والسيرة المذكورين ، سيما بعد ملاحظة عدم مناقشة أحد من المجمعين في اعتبارها بوجه من الوجوه المذكورة ولا غيرها ، لكن هذه الدعوى وإن لم تكن بعيدة كل البعد ، لكن ليس بحيث تطمئنّ إليها النفس ، فلم يبق إلّا بناء العقلاء الذي هو بأيدينا ، والذي نراه ظاهرا أنّ بناءهم على العمل بالظواهر بعد حصول القطع بالمراد أو الظنّ ولا أقل من عدم الظن على الخلاف ، وإلّا فيتوقفون ويلتمسون دليلا آخر.