أمّا أوّلا : فبالنقض بالمسائل الخلافية بين أصحابنا ، ولا ريب أنّ ما سوى واحد من الأقوال خلاف الحق بناء على بطلان التصويب ، ومقتضى الوجوه المذكورة وجوب ردعهم ، ومجرّد وجود الحق بين الأقوال لا يوجب السكوت عن خطأ الباقين كما لا يخفى.
وأما ثانيا : فلمنع وجوب جميع الألطاف بجميع مراتبها ، والقدر المسلّم منه هو تبليغ الأحكام على النحو المتعارف وبقدر الإمكان ، فلو منع من ذلك مانع من ظلم الظالمين وتغلّب المتغلّبين لم يقدح في أصل وجوبه ، كما أنّ استتار إمامنا الثاني عشر (صلوات الله عليه) لأجل المانع المذكور غير مناف لوجوب نصب الإمام (عليهالسلام) من باب اللطف ، ولا يجب ظهوره وتصرفه بالمعجزة ودفع الظالمين بالقهر والغلبة بغير الأسباب المتعارفة ، وإليه أشار المحقق الطوسي (قدسسره) في التجريد (١) من أنّ وجوده لطف وتصرّفه لطف آخر وعدمه منّا ، وكذا ما سيأتي في المتن من كلام المرتضى (قدسسره) في جواب الشيخ (قدسسره) إذا كنّا نحن السبب في استتاره ... ، هذا مع أنّ المحقق النراقي (قدسسره) أورد في كتاب العوائد (٢) وجوها في ردّ قاعدة اللطف وجواز التمسك بها في الشرعيات ، كلها أو جلّها واردة لا يمكن التفصّي عنها فراجع.
وبالجملة فساد هذه الطريقة في حجية الإجماع من الواضحات والغرض إشارة إجمالية إليها ، ولو ذكر مفاسدها وما يرد على أدلتهم مفصّلا لطال الكلام بلا طائل والاشتغال بغيره أهمّ.
__________________
(١) تجريد الاعتقاد : ٢٢١.
(٢) عوائد الأيام ٧٠٥ ـ ٧١٠.