ثالثها : ما اختاره في الفصول (١) وملخّصه : أنّ الشهرة القائمة على عدم حجية الشهرة من حيث شمولها لنفسها ساقطة ، إذ يلزم من وجودها عدمها وتبقى الشهرات الأخر سليمة.
وفيه : أنّ سقوط هذه الشهرة من حيث شمولها لنفسها لا يستلزم سقوطها بالمرة حتى بالنسبة إلى شمولها لباقي الشهرات ، بل اللازم تخصيصها بغير نفسها من الشهرات الباقية ، إذ يدور الأمر بين أن تكون هذه الشهرة مخصّصة بفرد واحد ودخول باقي الأفراد وعكسه يعني دخول الفرد الواحد وخروج الباقي ، ولا ريب أنّ الأول متعيّن لئلّا يلزم التخصيص المستهجن ، فيؤخذ بهذه الشهرة في إثبات عدم حجية باقي الشهرات ولا محذور.
ولا يخفى أنّ ما ذكر بعينه جار بالنسبة إلى دليل حجية الشهرة باعتبار شمولها لهذه الشهرة وسائر الشهرات نعلا بالنعل ، ولازمه حجية باقي الشهرات دون خصوص هذه الشهرة.
والتحقيق أنّ دليل حجية الشهرة لو كان لفظا عاما مثل كل شهرة حجة كان الأمر كما ذكر من لزوم التخصيص المستهجن على تقدير خروج سائر الشهرات عن تحت العموم وبقاء هذه الشهرة الخاصة فيه ، وما نحن فيه ليس كذلك لأنّ أدلة حجية الشهرة ليس موردها حجية خصوص الشهرة ، بل مؤدّى بعضها حجية مطلق الظنّ ، فهي في مرتبة الظن الحاصل من الخبر الواحد ، ومؤدى بعضها الآخر حجية مطلق الشهرة سواء كانت في الرواية أو في الفتوى ، فلو حكم بدخول فرد من الشهرة الفتوائية في ذلك العموم وخروج باقي الشهرات لا يلزم ما ذكر من التخصيص المستهجن لوجود الأفراد الأخر للعام غير الشهرة ،
__________________
(١) الفصول الغروية : ٢٥٤.