كونه ناظرا إلى المحكوم ومفسرا له ، وكذا لو كان الحاكم في نفسه أضعف من المحكوم لكن يكون أقوى بملاحظة جهة التفسير ، ولو كان الحاكم أقوى دلالة حتى مع قطع النظر عن جهة التفسير فالأمر أوضح.
وبالجملة : لا نحكم بتقديم الدليل الحاكم مطلقا بمجرد كونه حاكما بل يرجع إلى التفصيل المذكور ، مثلا لو كان ظهور دليل وجوب المسح على البشرة في الوضوء أقوى من ظهور أدلة الحرج بالنسبة إلى الوضوء الحرجي بأن كان أغلب أفراد الوضوء فردا حرجيا نأخذ بأقوى الظهورين ونخصص به أدلة الحرج ، ولا ينافي ذلك كون أدلة الحرج حاكما بالفرض ، لأنّ حكومتها باعتبار ما يبقى من مدلوله بعد التخصيص ، إذ قد عرفت أنّ جهة الحكومة تابعة لنفس المدلول.
لا يقال : إنّ عموم أدلة الحرج نسبتها إلى جميع أفرادها بالسوية ولا نجد فرقا بين أفرادها في القوة والضعف بحسب الدلالة ، فالتفصيل المذكور غير متوجه في فرض مسألتنا.
لأنّا نقول : يكون التفاوت في قوة الدلالة وضعفها في الدليل المحكوم في مفروض المسألة أي أدلة إثبات التكاليف عموما ، فيلاحظ نسبة كل دليل دليل بحسب القوة والضعف مع دليل رفع الحرج ويجري التفصيل المذكور.
بقي الكلام في تشخيص الصغرى وأنّ قاعدة الحرج حاكمة على سائر الأدلة أو معارضة ، والأقوى الأول ، إما بدعوى أنّ أدلة الحرج بصدد نفي الحكم الحرجي في الأحكام المعهودة سيّما بقرينة (فِي الدِّينِ) الظاهر في الأحكام المجعولة ، فيكون معنى قوله تعالى : (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)(١) أنّه
__________________
(١) الحج ٢٢ : ٧٨.