على تقدير تمامية أدلته الحرج الشخصي ، بل ذلك مقتضى ظاهر علية الحرج لرفع الحكم على ما هو مبنى الاستدلال ، وقد عرفت أنّ استفادة رفع الحرج النوعي من الأدلة في غاية الإشكال ، ولا نعرف من استدل في الفقه بالقاعدة على رفع حكم ما كان حرجا نوعا بحيث كان مستندا إليه في مورد خال عن دليل الرفع ما خلا قاعدة الحرج ، وإن كان ربما يتمسكون بالحرج في الجبائر وغيرها فيما يكون الحكم ثابتا فيها بالنص.
نعم تمسك المصنف في آخر رسالته المعمولة في قاعدة الضرر (١) بقاعدة الحرج في رفع ما يكون نوعه حرجا حيث استدل على جواز تصرف المالك في ملكه إذا استلزم تضرر جاره مع فرض عدم تضرر المالك بترك التصرف ، بل كان تصرفه لجلب النفع بأنّ حبس المالك عن الانتفاع بملكه وجعل الجواز تابعا لتضرر الجار حرج عظيم لا يخفى على من تصور ذلك انتهى. ولا يخفى أنّ الحرج في المسألة نوعي.
وكذا صاحب الجواهر في كتاب المفلس في الاستدلال على استثناء ما سوى الدار والخادم المنصوصين من اللباس وغيره من أمتعة البيت قال : لعل المدار في ذلك وغيره مما تسمعه من ثياب التجمل ونحوها عدم الحرج في الدين وإرادة الله بناء اليسر دون العسر ، ونحو ذلك مما دل على هذا الأصل انتهى (٢).
وبالجملة من استظهر من أدلة الحرج رفع الحرج النوعي جاز له التمسك في مثل ما ذكره الشيخان (قدس سرّهما) وغيره كأن يقال بجواز فسخ النكاح
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٤٦٧.
(٢) جواهر الكلام ٢٥ : ٣٣٨.